القتال. وهذه القوات مشكلة من الكتائب العسكرية التابعة لرئاسة الأركان، ومن القوات المساندة المكونة من الثوار المدنيين الذين التحقوا فرادى بعد إعلان حالة النفير العام. يقــدم هذا الكتاب رواية دقيقة لأحداث واحــدة من أهم المعارك التي خيضت ضد تنظيم الدولة منذ نشــأته. إن دقة هذه الرواية تأتي من كونها تعتمد على إفادات جهات كانت جزءا من المعركة تروي تفاصيل ما عاشت، وتقوم بمقابلة رواية بعضهم ببعض، وكذلك بما نشر حينها عن المعركة، وما انتشر من قصص لتخلص إلى مسار متسق للأحداث. والأمل أن يكون هذا الكتاب وثيقة للأجيال التي لم تعش المعركة، ولم تسمع بها إلا من خلال الروايات الشــفوية، أو عرفت عنها من خلال شــارات الشــهداء في المقابر، أو في سجلات رسمية. يكفي هذا الكتاب أن يكون لبنة من لبنات بناء ذاكرة نقية لأجيال الليبيين القادمين، وأن يحفظ لهم جزءا من المعاناة التي خاضها أبناء ليبيا في سبيل إقامة وطن كريم، يعيش فيه الناس أحرارا في اختياراتهم، ويقتسمون بعدالة خيرات أرضهم دون منة من أحد. يضع الكتاب الحرب على تنظيم الدولة في سياق الحدث الليبي منذ ثورة السابع إلى وقت ظهور تنظيم الدولة في ليبيا، معطيا المقدمات 2011 عشر من فبراير/شباط السياقية التي جعلت حدث البنيان المرصوص ينتمي إلى الأحداث التي لحقته والتي صاحبته. إن النظر إلى الحرب بمعزل عن تطورات الانقسام الذي تسببت فيه محاولات انقلاب خليفة حفتر، واســتنبات التجربة المصرية في البيئة الليبية، وما انجر عن ذلك من انقســام سياســي مقيت أدى إلى تعطل مسار بناء الدولة المدنية التي قامت الثورة من أجلها. إن هذه الفرضية التي قد تبدو بعيدة عند النظرة الأولى وجدت مبرهنة في هذا الكتاب، وإن لم تكن بطريقة مباشرة كما هي عادة الكتابة الأكاديمية فإن اختباراتها، وبراهينها بثت في ثنايا الكتاب. إن توضيح ســياق نشــأة التنظيم في ليبيا، وظاهرة العنف المتدثر بلبوس الجهاد عموما، يتطلب العودة إلى جذور المشكل الأصلي الذي ضرب وعي كثير من الشباب الليبي، وهو مشكل الاستبداد الذي تسلح بالتجهيل والتفقير لمدة أربعين عاما، سيطر خلالها على كثير من عقول الشــباب والشــيب والنســاء داء اليأس والقنوط من تغير الوضــع إلــى الأفضل، مما جعل أي دعوة للتنفيس عن مكبوتات الضغائن والضغوط النفســية؛ تلقى رواجا سريعا بين فئام عريضة من الناس، خاصة الشباب، وقد انضاف
18
Made with FlippingBook Online newsletter