..صعود وسقوط تنظيم الدولة في سرت

الفصل الأول جذور تنظيم الدولة وروافده

أســهمت عوامل موضوعية عديدة في تمكن تنظيم الدولة الإســ مية في العراق والشــام مــن إيجاد موطئ قدم له في ليبيا، فالتركــة الثقيلة لنظام القذافي في حقيقتها ليســت ســوى ثقل أربعة عقود من التشويه الممنهج للإنسان الليبي. إفقار مجال هذا الإنسان الحيوي على مستوى العلم والتنمية والحضارة، بالإضافة إلى حالة الاستبداد والتهميــش والطغيان والقمع والدوس على كرامة الإنســان في الســجون وخارجها، وبالمجمــل فإن فقدان الأمل في المســتقبل القريب والبعيــد، هو الذي عمّق جذور التطــرف والغلو والإرهاب. قاوم الشــعب الليبي ببصيرته، وقــوة إيمانه وعزيمته كل ذلك، لكن عوامل التجهيل والتضليل والإفقار تضافرت على فئات واسعة من الشباب فجعلتها الصيد الأســهل لأفكار ودعايات التنظيم، الذي راج ســوقه في بعض البلدان العربية التي أغلقت الأفق في وجه الشباب، مع فشلها التنموي وانغلاقها السياسي. وبعدما أســقطت الثورة نظام معمر القذافي؛ ســقطت بقايا المؤسسات الضعيفة المهلهلــة التــي بُنِيــتْ على وجوده، وغابــت بغيابه. ثم تفاقمــت تحديات الفوضى ومؤامرات الثورة المضادة وأخطاء معســكر الثورة في إدارة شــؤون البلاد؛ فأضعفت " الســلفية " مقومــات التصــدي لمعضلة التطرف، وبذلك تمكنت مجموعات العنف و المتطرفة من النمو والتوسع. جذور تنظيم الدولة المفاهيم " تلتقــي القاعدة وتنظيم الدولة وجبهة النصرة في الجذور الفكرية وفي . فكل منها يؤمــن بإقامة الدولة الإســ مية، وتكفير " المؤسّســة للســلفية الجهاديــة الحكومات العربية التي لا تطبق الشــريعة الإســ مية، وبمبدأ الولاء والبراء، وبالقتال كاستراتيجية للتغيير، وبالمواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وبتصورات اعتقادية مستمدة من الأدبيات السلفية التاريخية المعروفة، وبرفض الطريق الديمقراطي، وتخطئة مسار الجماعات الإسلامية الأخرى، مثل جماعة الإخوان المسلمين، والفروع

21

Made with FlippingBook Online newsletter