..صعود وسقوط تنظيم الدولة في سرت

الفصل الثاني من درنة إلىسرت.. روافد التنظيم في ليبيا

رغــم أن الغلــو والتطرف يحققان ذاتهما ويعبران عن أنفســهما فكريا ومعرفيا، ورغــم وجــود أصول تاريخية مدرســية في التاريخ الإســ مي، حتــى وإن قلنا إنها لم تشــكل مجرى متواصــ ، ولا حالة مجتمعية (الخوارج)؛ فــإن التحول نحو هذا الفكر وإيجاد مناصرين وأعوان له حصل أساســا بســبب أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية؛ فالظروف الاجتماعية القاسية التي تعانيها البلدان العربية والأوضاع السياسية التــي تمثلت في أنظمة قمعية تمارس في ذات الوقت، على مراحل مختلفة، عمليات اســتفزاز هوياتي، أو ترعى أنماطا مشــوهة من التدين.. هي البذور الفعلية التي قادت إلى التطرف والغلو والتكفير وحمل السلاح على المجتمع والدولة. وعلى ذلك يمكن تصنيف تنظيم الدولة كحالة عنف شبيهة بردة فعل نفسية قاسية تريد أن تمحق كل شيء في طريقها. من المسلم به أن بعض التيارات الجهادية وفرت أرضية فكرية وتجربة عملية بنى عليها التنظيم، أو استرشــد بها، لكن لا يمكن القول إن عموم الظاهرة الإسلامية في ليبيا، يمكن اعتبارها جذورا لتنظيم الدولة، أو امتداد لها؛ فذلك شــيء لا قائل به. إن غرض تناول عموم الظاهرة الإســ مية في ليبيا في هذا الفصل هو لدحض أي محاولة لإثبات ربطها بمقولة الجذور المشتركة. ففي هذا الفصل نبين بالوقائع التاريخية أن الحركات الإسلامية التاريخية في ليبيا، بمن فيها من شارك في حرب أفغانستان، ومن حمل السلاح على نظام القذافي في وقت مبكر، لم تنخرط في صفوف تنظيم الدولة، بل كان أغلبها في صفوف من قاتلوه. أصول الفكر المتشدد يحســن بنا ابتداء أن نعطي لمحة عامة عن التيار الإســ مي في ليبيا، حتى تتنزل نشأة التنظيم في موقعها الأشمل، قبل أن نرجع القهقرى زمنيا تجذيرا وتنسيبا لأصول الفكر المتشدد حيث هو.

35

Made with FlippingBook Online newsletter