AJ 25th Book

من داخل المعمعة

شعور لا يوصف بالفرحة الغامرة الممتزجة بالانتصار حين يأتينا نبأ تعافي من أصيب من موظفينا أو خروجه من وحدة العناية المركزة. رغم كل هذه الصعوبات، كانت الجزيرة -كعادتها- محطة إخبارية فوق العادة. لقد واصلنا نقل الأخبار والصور من داخل غرف العناية المركزة، ومن سيارات الإسعاف وهي تجوب الشوارع حاملة ضحايا الفيروس، لقد قاتلنا من داخل المعركة، وصمدنا في أتون المعمعة. هذه التغطية غير العادية بلا شك تطلبت أسابيع من التخطيط والجهد الاستثنائي، والحرص على توفير أماكن لطواقم عملنا للإقامة والحجر الصحي بعيداً عن عائلاتهم، حتى بعد انتهاء مهامهم في نقل الأخبار، حرصاً منا على سلامة ذويهم. هذا غيض من فيض، ونزر يسير من التحديات التي واجهت عمليات التبادل الإخباري وتخطيط تحركات طواقم عمل الأخبار في قناة الجزيرة الإنجليزية، رغم وحشية الوباء. وفي ظل كل هذه المخاطر والتحديات، واصلنا تأدية مهامنا اليومية، وقدمنا كل ما في وسعنا لمواصلة تغطيات النزاعات الإقليمية، وأزمات اللاجئين، ناهيكم عن الكوارث الطبيعية. وواصلت الجزيرة تميزها في نقل الخبر وسط وباء لم يسلم من تداعياته أحد.

ليس بالإمكان اللجوء إلى انتشال مراسلينا وأفراد طواقم عملنا جوا من مناطق الخطر، كما باتت حركة الطيران شبه مشلولة، وحظرت شركات الطيران نقل الأفراد المصابين. لم يعد بمقدورنا الاعتماد فقط على المستشفيات الحكومية أو الخاصة لعلاج من أصيبوا بالفيروس من طواقمنا، سيما أن أغلبية المستشفيات أصبحت مكتظة بالمرضى. الأخطر من ذلك هو نقص أسطوانات الأكسجين في العديد من الدول. ولتوضيح الصورة بشكل أبسط، في حالة إصابة أي من مراسلينا أو أفراد طواقم العمل لدينا بفيروس كورونا خلال تحركاتهم لنقل الأخبار وتغطيتها، فإنهم يتحولون إلى «رهائن» للسلطات المحلية في مكان وجودهم، خاصًة أنهم لن يتمتعوا بالميزات التي يحصل عليها مواطنو البلد. لقد حدث هذا الأمر بالفعل، حين أصيب عدد من مراسلينا بالفيروس في بلدان مختلفة خلال تحركات طواقم عملنا لتغطية الأخبار ونقلها في أماكن متفرقة من العالم. لقد عشنا ليالي وأياماً عصيبة، عكفنا على إجراء المكالمات وإرسال فيض من الرسائل الإلكترونية عبر مختلف التطبيقات، نجمع المعلومات من مختلف أفراد عملنا بالميدان. بحثنا عن شتى سبل المساعدة التي يمكننا تقديمها إليهم، وسعينا لإيجاد أفضل تلك السبل وأسرعها، رغم قلة حيلتنا.

115

114

Made with FlippingBook Online newsletter