AJ 25th Book

الجزيرة، بقعة ضوء لأحرار العالم

لقد نجحت الجزيرة في إقامة الجسور، لا بين المواطن العربي وحقائق ما يدور حوله فقط، بل وجسور التواصل بيننا وبين الآخر، وبرهنت للعالم أنّ العربي، متى أراد أن يبدعَ وينجز، فإنّه قادر على ذلك، لأنّه سليل حضارة تؤمن بالعلم والعمل وتدافع عن كرامة الإنسان أينما كان، وتلك الرسالة الخالدة لديننا الحنيف. لقد حققت الجزيرة خطوات عملاقة في هذا الطريق، ومن حقّنا أن نفخر بدورها على امتداد ربع قرن. إن دور (الجزيرة) وتأثيرها ليس مقصورا على العالم العربي ولغة الضاد، بل تخطاه إلى اللغة الإنجليزية وإلى حد ما إلى لغات أخرى، ، أن 2017 ولا يغيب عن بالي أثناء حملتي لليونسكو في إفريقيا عام اتصل بي رئيس إفريقي ذو مكانة مرموقة وطلب مني أن أزوره في بلده، وهي من الدول التي لم أسع لزيارتها لأنه لا صوت لديها أسعى إليه. كانت آنذاك الحملة لإيقاف الجزيرة على أشدها وذهبت وزرته لأجد أن هدفه هو رسالة إلى القيادة القطرية «أننا في إفريقيا نعتمد على الجزيرة، فلا تلتفتوا لدعوات إسكاتها بل تمسكوا بها وكانوا فخورين بها». وأخيرا وليس آخرا، فإننا نعتز بنقل الجزيرة الأمين والشجاع لانتفاضة حي الشيخ جراح والأقصى وصمود غزة الأبية. تحية للجزيرة وتحية لقيادات قطر الشجاعة الداعمة لها وللعقل المبدع والمقدام الذي كان وراءها فكرة ورؤية وواقعا، ولقيادتها وإدارتها ولطاقمها المبدع والمعطاء.

هذا البرنامج، وكلّما قدّمت تصوّرا قيل لي: «إنه غير كاف ومطلوب هامش أكبر من حيث هامش الحرية وفي نوع الموضوعات التي تتمّ مناقشتها»، حتى توصّلنا إلى صيغة متقدّمة جدّا وجريئة للغاية وكان المشاركون يتردّدون 1994 وغير مسبوقة. وبدأ البرنامج في عام في البداية خوفا، ثم تجرّأوا، وأصبح البرنامج نقطة تحوّلٍ من حيث موضوعاته والمشاركين فيه والإقبال عليه، وكان شعار البرنامج كلمة الإمام الشافعي المعروفة «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب». في الرياض للمشاركة في مؤتمر وزراء 1995 وفي مهمّة لي في بداية عام إعلام دول الخليج، وقد كانوا على علم أن هذا آخر مؤتمر أحضره كوزير إعلام لدولة قطر، وكانت الجلسة تشهد مداخلات لتوديعي وإذا بأحد وزراء الإعلام الخليجيين رحمه الله يتدخل ويقول: «لنا طلب أخير عندك قبل أن تترك، وهو أن تلغي برنامج قضايا وآراء في إذاعة قطر فقد أزعجنا كثيرا بهامش الحرية المتاح له وبموضوعاته التي يطرحها». أجبته - غفر الله له - : «لا أستطيع أن أعدك بهذا، بل أعدك بما هو أهم، إن هذا إلاّ بداية والخير قادم» وها هي الجزيرة تولد وتنمو كشجرة طيّبة شامخة تزداد تألقا، وتُثمرُ كلما زدادت التّحديات.

التي 1994 وأشير بصورة خاصة إلى الحرب اليمنية الداخلية عام سعت إلى فصل عرى الوحدة بين الشمال والجنوب، تلك الوحدة . كانت قطر -من منطق مصلحة اليمن 1990 التي تحققت عام ومصلحة المنطقة- حريصة على تعزيز الوحدة، واتخذت موقفا سياسيا داعما لوحدة اليمن. من الطبيعي أن يكون الإعلام أحد أسلحة هذا الدعم، وقد حاولنا ولكن ظلّ إعلامنا دون مستوى آمال سياساتنا. وأعتقد أنّ هذا الحدث وإدراكنا للفجوة بين واقع إعلامنا ورهانات سياساتنا مثّلاَ الدافع إلى التفكير في إنجاز مشروع إعلامي يتخطى التقليدية ويصبحُ نقطة انطلاق في تاريخ الإعلام العربي والدولي. وأشير إلى فكرة حل وزارة الإعلام التي رأى صاحب السمو أمير البلاد آنذاك إلغاءها لارتباط هذه الوزارة آنذاك في عالمنا بخنق الحريات. ، ومنذ ذلك التاريخ لا وزارة إعلام 1995 ألغيت الوزارة بالفعل عام في دولة قطر، وكان هذا إرهاصًا من إرهاصات بزوغ فجر جديد للإعلام يتخطى الطابع التقليدي ويشكل إيذانا بولادة عصر جديد للإعلام في منطقتنا. ومن الإرهاصات والتي تمثل سعي قيادة دولة قطر لخلق واقع إعلامي حديث ومؤثر، ما شهدته إذاعة قطر حين كان للراديو تأثيره وقدرته على تخطي الحدود أكثر من التلفزيون، هو ولادة برنامج «قضايا وآراء» وهو برنامج حواري غير تقليديّ، وكانت إذاعة قطر أكثر الإذاعات سماعا في منطقة الخليج العربي بصورة خاصة والعالم العربي بصورة عامة، وقد طُلب منّي أن أقدّمَ للقيادة تصوّرا عن

19

18

Made with FlippingBook Online newsletter