AJ 25th Book

اطلبوا العلم في الجزيرة

أن الرّجل جاء عازما على أن يعلن من قناة الجزيرة وعلى المباشر أنّه المهدي المنتظر. استعمل أبو عبد الله كل الحيل التي في جعبته ليقنع الرّجل أنّ الإعلان عن خبر مهمّ كهذا يتطلّب تحضيرات كبيرة. وكان من بين حجج صديقنا أنّ «المهدي المنتظر» يحتاج تأهيلا خاصّا في مجال الخطابة والإقناع، ونصحه بأن يلتحق بدورات مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير. اقتنع الزائر الغريب بالحجج على ما يبدو فغادر. ولا أدري إن كان التحق بدورات مركز الجزيرة وقتها، ولكنّ جولة في اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي الآن تحيلنا إلى عشرات الأشخاص الذين يدّعون أنّهم المهدي المنتظر دون أن ينتظروا فرصة الظهور عبر شاشات التلفزيون التقليدي. ولعل هذا التحوّل يفرض علينا تحدّيا آخر حتى نستطيع التحاور مع جيل جديد قد لا تكون الوسائل التقليديّة أفضل وسيلة للتخاطب معه. وهو مما نعمل عليه بالتأكيد. وقد قيل في الأثر «خيركم من عرف زمانه واستقامت طريقته».

ألفا 160 ألفا بينما وصل منتسبو التعليم الإلكتروني إلى 60 متدربيه من دول نعجز عن الوصول إليها بشكل مباشر. ونحن نفخر اليوم أن قائمة المستفيدين من خدمات المعهد تتعزز سنويّا لتصل آفاقا جديدة لم نصلها من قبل. هل وصلنا إلى ما نبغي؟ لقد قطعنا بالتأكيد شوطا في تحقيق ما نريد، ولكنّنا ما زلنا في بداية الطريق. فالشباب الشغوف بالإعلام ما زال ينتظر أن تصله برامجنا في بلده وبتكلفة معقولة. كما أن مؤسّساتنا الإعلاميّة تعاني من تراجع حادّ في الإمكانيات الماديّة والقدرات البشريّة وتدهور في أخلاقيات المهنة في ظلّ سيطرة المال الخارجيّ ونزعات الإقصاء. وجامعاتنا للأسف ما زالت تدرّس تاريخ الصحافة وتترجم كتبا تجاوزها الزمن، فلا تقدّم لطلبة الإعلام جديدا يفيدهم في سوق العمل. وهذا يضيف تحديات جديدة إلى عملنا ويدفعنا للتفكير في حلول أكثر ابتكارا وخطط أكثر إبداعا. لا شكّ أيضا أنّ مجال الإعلام بالذات متطوّر ومتجدّد بشكل متسارع. وعلينا، كمعاهد للتدريب والتطوير، مسؤوليّة مزدوجة تقتضي منّا أن نواكب التطوّرات الحاصلة فنستوعبها أوّلا ثمّ ننقلها لزملائنا الصحفيّين ولجمهورنا الواسع. وتلك لعمري مهمّة صعبة، فجمهورنا واع بالتطوّرات ومدرك للتوجّهات الجديدة وقادر على التفاعل معها بسرعة. ألحّ زائر على بوابة الجزيرة في الدخول ومقابلة أحد 2007 سنة المسؤولين لأنّ عنده «خبرا مهّ سيغّ وجه المنطقة». وتحت إلحاحه سمح له صديقنا أبو عبد الله بالدخول، استثناءً، ليكتشف

لم نترك مبادرة يمكن أن توصلنا إلى جمهورنا الحقيقي إلا طرقناها، ولا وسيلة إلاّ جرّبناها. أعانني في ذلك فريق من الزميلات والزملاء جمعهم حب الجزيرة والإيمان بفكرتها والرغبة في خدمة الناس من خلال نقل التجربة ونشر المعرفة. أطلقنا مبادرة سفراء الجزيرة التي تقوم على تطوّع المدرّبين، فدرّبنا آلاف الطلبة والصحفيّين في العالم العربي بشكل مجاني. أطلقنا مبادرة الإعلام لأجل التنمية لخدمة مجتمعات عصف بها عدم الاستقرار خلال العقود الماضية فاحتاجت لتُطوّر الإعلام حتى تضمن عدم العودة للماضي. ثم أطلقنا منصة التعليم الإلكتروني وطوّرنا منصة تعليم اللغة العربية التي بدأها زملاؤنا في الجزيرة نت. أعيد إطلاق المركز تحت مسمى جديد هو: معهد 2017 وفي سنة الجزيرة للإعلام، فيما أردناه انتقالا في المعنى أيضا وليس فقط في الاسم. فقد بدأنا مرحلة جديدة يتصدّر فيها معهدنا النقاش الدائر في العالم العربي حول قضايا الصحافة والإعلام، ويتّجه للصحفيّين المحترفين فيتفاعل معهم حول أهم تحديات المهنة، وينطلق للجامعات ليحاول أن يراجع مناهج كليات الصحافة بحيث يقرّبها من الواقع ومن سوق العمل، يجمع بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، ويوفّر للمهتمّين بيئة مثالية ينهلون فيها من خبرة الجزيرة المتراكمة على مدى ربع قرن. عاما من انطلاقته رافدا للقناة الأم، يقف معهد 17 اليوم، وبعد الجزيرة للإعلام صرحا شامخا مستقلاّ يُحدث أثرا عظيما في العالم العربي وينافس أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم. وتجاوز عدد

345

344

Made with FlippingBook Online newsletter