AJ 25th Book

فلسطين: قضية نضال ضد الاحتلال

فلسطين: قضية نضال ضد الاحتلال مديرة التحرير في قناة الجزيرة الإنجليزية | رينيه عودة

وتنتشر في أرجاء الضفة الغربية المحتلة نقاط التفتيش وحواجز الطرق التي نصبها الاحتلال الإسرائيلي. فإن لم تكن تحمل الأوراق الثبوتية المطلوبة، لن يسمح لك بالمرور، أو زيارة الأماكن المقدسة، أو حتى إقامة شعيرة الصلاة في المسجد الأقصى. وبدون هذه الأوراق لا تمكنك زيارة عائلتك التي مزق الاحتلال الإسرائيلي أواصرها، ولا يمكنك العبور إلى قطاع غزة المحاصر، المسمى بالسجن الكبير، والذي كان لعقود طويلة في الماضي الوجهة المفضلة لقضاء العطلات، ولكنه الآن تحول إلى ركام. وبدون هذه الأوراق أيضـاً لا يمكنك أن ترى المدن الساحلية مثل حيفا وعكا، وربما لا يمكنك أن تعود لمنزل عائلتك الذي ما زلت تحمل مفتاحه في جيبك. لا يستطيع ملايين الفلسطينيين في الشتات أن يزوروا المكان الذي عاش فيه أجدادهم، ولا أن يقطفوا ثمار التين المتدلية من أشجارها أو حتى السير في شوارع المدينة القديمة، أو أن يعتلوا جبل الزيتون لينعموا من فوقه بالنظر إلى واحدة من أقدس البقاع على وجه الأرض. هذه هي الحكاية باختصار.

تتردد في ذهني دائماً مقولة المفكر إدوارد سعيد: «غالبًا ما نسمع مسؤولين كباراً في واشنطن، أو في أماكن أخرى، يتحدثون عن إعادة رسم حدود الشرق الأوسط، كما لو أن مجتمعات بهذه العراقة وشعوباً بهذا التنوع يمكن أن تخلط مثل حبات الفستق في وعاء زجاجي.» ورغم أن فلسطين تقع في وسط منطقة الشرق الأوسط، فإن مجرد الإقرار بوجودها كدولة بات أمراً موضع جدل، ويتهم فاعله بارتكاب خطيئة لا تُغتفر. ولكن لا يمكن رغم كل هذا أن ينفي وجود فلسطين. فلسطين قائمة في قلوب وعقول ملايين الفلسطينيين، سواء أولئك الذين يناضلون لمواصلة العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر، أو أولئك الذين يعيشون في المنافي والشتات. لقد اجتث الاحتلال الإسرائيلي أشجار الزيتون المنتشرة في ربوع وطني الأم فلسطين، ليضع محلها جداراً عازلاً من الخرسانة. أقام الاحتلال هذا الجدار لا ليغتصب الأرض والحقول فحسب، بل ليقطع أوصال العائلات الفلسطينية ويفرّق بين الأهل والجيران والأصدقاء.

355

354

Made with FlippingBook Online newsletter