الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

تجديد الرموز يملك التصوف آليات تنظيمية لتجديد الرموز، لكنها آليات رتيبة في الغالب نظرا لاعتمادهــا على فكرة الخلافة، ويظل الخليفة محتفظا بمكانته الروحية وصلاحياته في إدارة مجتمع الحضرة ومواردها وبسط نفوذها وإشعاعها التربوي والروحي إلى أن يسلم الراية إلى خلفه الذي ينبغي أن يكون من نفس أسرة الشيخ المؤسس. لكــن عمليــة تجديد الرمــوز وحتى آليات العمل بــدت ظاهرة واضحة في مجتمعات التصوف خلال العقود الأربعة الماضية، حيث برزت شخصيات وزعامات صوفية كثيرة، تدين بالولاء للخلافة العامة للطريقة لكنها تختط لنفسها طريقا خاصا في العلاقة بالطريقة والمريدين والمجتمع. فعلى سبيل المثال مثلت ظاهرة الشيخ الشريف عثمان حيدره في مالي حالة فريدة في ســياق تجديد الرموز والآليات في الطريقة التجانية، حيث اســتند الشيخ الشاب على مرتكزات أساسية أبرزها: حيث يضفي هذا البعد الذي يركز عليه عثمان حيدره رمزية النسب الشريف: عاملا تقديسيا كبيرا لدى مجتمعات الزنوج التي تضفي على الشرفاء أعلى صفات ومراسيم التبجيل. والذين يصل عددهم إلى أكثر من مليون مريد البنية التنظيمة المحكمة للأفراد: في مالي وعدة ملايين في دول الجوار، ويندمج هؤلاء في وحدات ورتب تنظيمية، كما أنهم يدفعون رسوم اشتراك سنوية للحضرة. تتوزع بين مؤسســات تجاريــة وقنوات إعلامية إمبراطوريــة اقتصادية كبيرة: وموارد مالية متعددة. وإلى جانب ذلك فقد اســتطاع عثمان حيدره أن يحرك حالة رمزية شــعبوية: من الشعبوية في خطابته جعله يتمدد أفقيا بين الماليين، وخصوصا الفئات الشبابية

168

Made with FlippingBook Online newsletter