أو ً: الشيخ المغيلي والأبوة الفكرية للتصوف غرب الإفريقي لقد عرفت القادرية الانتشار والذيوع في عموم المنطقة بفعل جاذبية دعاتها من أمثال الشــيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي، الذي جال في كبريات مدن السودان الغربي ولعب أدوارًا دعوية وسياســية وإصلاحية كبيرة. قَدِم الشــيخ المغيلي إلى الحواضر الســودانية برســم الدعوة والســياحة في الأرض، ولكن رحلته تلك لا يمكن فصلها عن الســياق التاريخي العام المرتبط بالتحديات التي واجهها الشمال الإفريقي بعد ســقوط الأندلس وحالة التحلل والفســاد التي ســادت دول المغرب الأقصــى والأوســط، والتي كان عنوانها الأبرز الــدور المتنامي لنفوذ تجار اليهود وساســتهم في بلاط الحكم في كل من فاس وتلمســان، مما أثار اســتياء عدد من العلماء وفي مقدمتهم الشــيخ المغيلي الذي رأى في غرب إفريقيا متنفسًــا جديدًا لدعوتــه الإصلاحية، ومجاً خصبًا لتقوية ســلطان الإســ م جنوبًــا، على ضوء التحديات التي يواجهها شما ً. ومن أجل بلوغ هذه الغايات، منح الشيخ المغيلي أخصب ســنوات عمره لحركة الدعوة في الســودان الغربي بين أغاديس (النيجر) فقد ترك أثرًا إســ ميًا " وكانو (نيجيريا) وســنغاي (مالي)؛ فكُلّلت جهوده بالنجاح . ( (( " كبيرًا، وقام بتصحيح مفاهيم كثيرة كانت مغلوطة في أذهان العامة والسلاطين جمعت شخصية الشيخ، محمد بن عبد الكريم المغيلي، أربعة أبعاد رئيسية، هي: حيث حاز بتصانيفه ومناظراته الإمامةَ في علوم الشريعة. - الرسوخ العلمي: 1 حيث كان القطب الأعلى للقادرية في الصحراء وبلاد - المشيخة الصوفية: 2 السودان الغربي. : حيث ألّف الشــيخ المغيلي عدة رســائل في السياســة - الفكر السياســي 3 والحكم، لتبصير وترشــيد الحكام المســلمين في المنطقة بأمور السياسة الشرعية، (نيجيريــا)، محمد بن يعقــوب المعروف " كانو " حيــث كتب رســالتين لســلطان العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي في عهد عوض الله، الشيخ محمد الأمين، ( (( . 192 م،ص 1970 ، 1 ، جدة، ط السلطتين الإسلاميتين مالي وسنغاي
209
Made with FlippingBook Online newsletter