الطرق الصوفيةفيغرب إفريقيا والإسلام السياسي تعاون أم تزاحم؟ ( (( صبحي ودادي تمثل الطرق الصوفية ظاهرة دينية بارزة في تاريخ المجتمعات الإسلامية؛ حيث إن هذه الطرق نشأت في وقت مبكر من تاريخ الإسلام وظلت طوال القرون الماضية تنتشر وتتوسع داخل بلاد الإسلام، ويتعاظم تأثيرها الديني ونفوذها الاجتماعي. وقد جسدت هذه الطرق في الغرب الإفريقي خلال الحقبة الاستعمارية طليعة المقاومة الثقافية للغزو الأجنبي للبلاد الإسلامية، وقاد بعض زعمائها جبهات عسكرية مسلحة ضد المســتعمر؛ مثل المجاهــد الحاج عمر تال الفوتي أحد أبرز شــيوخ الطريقة التجانية في الســنغال والأمير عبد القادر في الجزائر والشــيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل في موريتانيا. غير أن هذه الطرق وإن ظلت تنأى بنفسها عن ممارسة السياسة بشكل مباشر منذ نشــوء الدولة الوطنية الحديثة؛ إلا أنها ظلت تشــكل رقما صعبا بفعل نفوذها الاجتماعي والديني الكبير، ما جعل هذه الطرق في الغرب الإفريقي تشــكل جزء من المعادلة السياسية سعت النظم السياسية المختلفة لإدارة العلاقة معه بما يضمن دخلت الصوفية " الإسلام السياسي " مصالحها، ومع صعود ما بات يعرف بـحركات الأجندات الدولية على الخط دراسة واهتماما بهذه الطرق وتشجيعا لمنهجها الفكري والتربــوي باعتبارها ســبيلا للوقــوف أمام مد حركات العنف وحركات الإســ م ( صبحي ودادي، باحث موريتاني، مسؤول وحدة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالمركز (( الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
227
Made with FlippingBook Online newsletter