أولا: موقع السياسةفي أدبيات الصوفية: مــن أجل معرفة موقع السياســة في أدبيات المتصوفــة وفكرهم، نحتاج إلى معالجة القضية من جانبين حتى يتأتى لنا الحكم عليها بشكل سليم: الجانب الأول: هو السياسة كنظريات وكعلم، والجانب الثاني: هو السياسة كسلوك وممارسة. فما هي نظرة التصوف للسياسة كنظريات؟ وما هو موقفه منها كسلوك وممارسة؟. بالرجوع للكتب المرجعية في علم التصوف، مثل كتب الحارث المحاســبي م) وأبو إسماعيل 1072 هـ/ 465 م) وأبو القاســم القشيري (ت 857 هـ/ 243 (ت م) نجد أن 1111 هـ/ 505 م) وأبو حامد الغزالي (ت 1088 هـ/ 481 الهــروي (ت هذه الكتب لا تكاد تتحدث عن السياسة كعلم من العلوم، بل إنها تجعل الاهتمام بأمور الدنيا بشــكل عام من الأمور التي تعيق النفس عن الســير إلى الله. بل نجد ، وإذا وردت فيها عبارة ( (( " سياسة النفس " هذه المراجع تصرف معنى السياسة إلى السياسة بمعناها المتداول الذي يتعلق بإدارة الشأن العام، فإنما ترد في الغالب عرضا . ويمكن هنا استثناء الغزالي ( (( واســتطرادا من أجل توضيح معنى أو شــرح إشكال -وذلــك بحكم كونه فقيها- فقد تكلم عن السياســة بمعناها العام في موســوعته باب " ، في موضعين اثنين: أحدهما: تحت عنوان " إحياء علوم الدين " الموســومة بـ ، وخلاصة " فروض الكفاية " ، والثاني: ضمن عنوان " فيما يحل من مخالطة السلاطين رأيه في السياسة؛ سواء كعلم أو كممارسة أنها ليست من جوهر الدين، حيث يقول: وكما أن سياسة الخلق بالسلطنة ليست من علم الدين في الدرجة الأولى بل هي " . ( (( " معين على ما لا يتم الدين إلا به فكذلك معرفة طريق السياسة ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، كتاب آداب النفوس المحاسبي، الحارث بن أسد أبو عبد الله، ( (( . 40 م،ص 1991 مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت/لبنان، ، تفسير القشيري المسمى لطائف الإشارات القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك، ( (( الجزء الخامس، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، . 473 م،ص 2007 م - 1428 . 37 ،ص 2010 الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين، الجزء الأول، دار الكتاب العربي، ( ((
229
Made with FlippingBook Online newsletter