أما كيف حدث التحول مع نشــوء الدولة الوطنية وتم ترويض التصوف في غرب إفريقيا في اتجاه واحد، فنعتقد أنه قد تم اســتغلال الجدال الثقافي والصدام في خدمة " دينية " المذهبــي مع الدعــوة الوهابية ليوجه التصوف نحو لعــب أدوار السلطة التي تواجه المد الحركي الإسلامي في طبعاته السلفية والإخوانية، وهكذا تم توظيف تقاطع المصالح بين الشيوخ الطرقيين -الذين باتوا يخشون على نفوذهم من الإنكار التبديعي الذي تقوم به الحركات السلفية خصوصا- والسلطات التي تخشى من النفوذ المتنامي للتيارات الإســ مية التي تقدم خطابا سياســيا يهدد المشروعية السياسية لها. ولذلــك بــات التأكيد على البعــد الروحي يرد في أدبيــات هذه الطرق في مقابل التدخل في الشــأن السياســي، خصوصا إذا كان هذا التدخل معارضة لولي ومن ثم توجيه الأتباع بأن الجهاد يقتصر فقط على جهاد النفس، ، أمر المســلمين واعتزال صوارف الدنيا، والسعي إلى طريق الله قصد التقرب إليه، عكس ما يروج له غيرها من خلق الفتنة والتحريض على زعزعة استقرار بلاد المسلمين، والحقيقة أن الصوفيــة في الدولة الوطنية قامت بتوظيف قيم روحية إيمانية توظيفا سياســيا، ومن أمثلة ذلك فهمهم لمعاني الرضا والتوكل في مثل هذه المقولة الصوفية الشائعة: . " عدم جواز مقاومة الحكام ومغالبة السلاطين، لأن الله أقام العباد فيما أراد "
233
Made with FlippingBook Online newsletter