الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

ثالثا: العلاقة بين الطرق الصوفية وجماعات الإسلام السياسي فيغرب إفريقيا يبــدو أن طغيــان الزخم الســلفي علــى البدايات الأولى لانتشــار الحركات الإسلامية في دول غرب وشمال إفريقيا رجح صورة نمطية لدى الفاعليين الصوفيين عن الحركة الإســ مية عموما، وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يمثل المد الإخواني -الذي شكل أهم ركائز الحركات الإسلامية في الشمال الإفريقي- عامل تقريــب، باعتبار الاهتمامات التربوية والنشــأة الصوفية لمؤســس جماعة الإخوان المســلمين في مصر، إلا أن التشــكل التياري لهذه الحركات إبان نشــأتها أعطى الصوت الجهوري للمكون الســلفي الذي شكل تركيزه الإحيائي في مجال العقيدة والتسنن في السلوك بداية الصدام الأول مع التصوف في المنطقة، خصوصا أن هذا التيار شكل عماد الظاهرة الصحوية في الغرب الإفريقي على خلاف الشمال، ومن ثم فإن الانتقادات المبالغ فيها لكل الظاهرة الصوفية ولّد عداء للتيارات الإسلامية كلها ســيطبع العلاقات بيــن المكونيْن الكبيرين للظاهرة الإســ مية في بلدانهما، وسنحاول تلمس مفردات هذه العلاقة من خلال العناوين التالية: الانتقادات والتباينات الشرعية والفكرية تعرف الســاحة الفكرية والدعوية في هذه المنطقة منذ ســنوات تراشــقا دائما بين الإســ ميين وخصوصا الســلفية العلمية وشــيوخ التصــوف ومريديهم، فمن الأمور الشــائعة لدى قطاع واســع من الإسلاميين اتهام الطرق الصوفية بنشر البدع والخرافــات، بــل تتهم بعض هذه الطرق من طرف الســلفيين بالخروج عن الملة والإيمان بوحدة الوجود، وهي أدبيات مبثوثة في كتب الوهابية، فمثلا وفي أعقاب تزايد النفوذ السياسي للطرق في الجزائر شن التيار السلفي حملة على هذه الطرق، متهما إياها بالشــعوذة والتدجيل، وبنشــر الفكر الشيعي والخلط بين العلوم الدينية الإسلامية وبين العلوم الغربية، ونقل مفاهيم خاطئة للناشئة. وتتهم الطرق الصوفية الحركات الإســ مية بتهديد الأمن المجتمعي ونشــر التطرف والإرهاب وقد طالب الشــيخ الســنغالي مام شــيخ امباكي رئيس الجمعية

238

Made with FlippingBook Online newsletter