الخاتمة
بــدا من خلال اســتعراضنا لمختلــف نواحي حياة الطــرق الصوفية في بلاد المغــرب وغــرب إفريقيا أنها نظم لها ارتباط قوي بتاريــخ البلاد وتقاليديها، ولها تأثير حاسم في حياة السكان، حيث أسهمت في التربية والتعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما ظلت تقوم بدور وساطة في الحياة الاجتماعية والسياسية رغــم مــا يواجهها من تحديات، أهمها الحاجة إلى تطوير جهازها القيادي ونظامها التعليمي، والتعامل مع الأوضاع المزرية التي عاشتها وتعيشها مناطق انتشارها، فضلا عن علاقات تلك المناطق بشــركائها الدوليين ذوي المرجعية الرأسمالية الليبرالية، إضافة إلى الواقع الأمني المتردي. ومما خلص إليه الكتاب أن الطرق الصوفية في المناطق التي شملتها فصول الكتــاب تعيش أزمة تتمظهر في تقاليدها التي اســتنفذها الزمن، ومناهجها التي لا تنســجم وروح العصر، ووقوفها عاجزة عن تقديم بديل ينبني عليه عقد اجتماعي جديــد قــادر على النهوض بأعباء الحياة المعقدة، وأنها بحاجة ماســة إلى تتدارك نَفْسها بنَفَس تجديدي يجمع بين الأصالة والمعاصرة. كما أوضح الكتاب أن الطرق الصوفية مدعوة للقيام بدور في النهوض والإصلاح الاقتصادي بالبلدان المتواجدة فيها، وذلك من أجل إيجاد بيئة قابلة للاستثمار وجذب رجال الأعمال لتجاوز الأعطاب الموروثة منذ عقود، وأن بإمكانها أن تقوم بدور فعال من خلال القيم الصوفية الاقتصادية في الفضاء العام لإعادة ترشــيد الشأن العمومي تقليصًا لدائرة الفساد، العائق الأكبر للتنمية، وإعادة بناء الإنسان في تلك الدول من خلال محاسبة النفس والزهد في متاع الحياة الدنيا والحرص على الكسب الحلال
247
Made with FlippingBook Online newsletter