الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

خاتمة يتضح مما ســبق أن للدين دورًا مهمّا في الحياة السياســية والاجتماعية في نيجيريا، وأن لدور العلماء المســلمين النيجيريين في التطورات السياســية ديناميات مُعقدة ومتغيرة يحددها المســار السياســي، وذلك لأن مواقف العلماء المســلمين مختلفة بشــأن السياسة: البعض منهم لا يرى بأسًا في التحالف مع القصر الرئاسي ومــع الحكومــة، بينما أبقى آخرون مســافة بعيــدة بينهم وبين القادة السياســيين والحكومات كي يحافظوا على حيادهم ومكانتهم لدى أتباعهم. وبالتالــي، يمكــن القول: إن طبيعة الحكم في الدولة الحديثة غيرت كثيرًا من مهام الزعماء الدينيين التقليديين الذين حملوا سابقًا مهمة القيادة السياسية والدينية فــي مجتمعاتهم المحلية، وصاروا اليوم موظفيــن لدى حكومة ولاياتهم المختلفة ليحافظوا على الهدوء والأمن والتماسك الاجتماعي في بيئاتهم. ولذا، كان باستطاعة الحكومــة إقالة أي ملكٍ أو زعيمٍ تقليدي من منصبه بدعوى تدخله في السياســة، أو تقســيم مملكته إلى ممالك صغيرة عقابًا له في حال كثرت انتقاداته للحكومة، كالذي حدث بين محمد سنوســي الثانــي، أمير كانو الحالي، وعبد الله غندوجي، . " كانو " حاكم ولاية ومن الملاحظ أن المواقف المتباينة التي تبناها الشــيوخ الصوفيون وزعماء الحركات الإســ مية الأخرى لم تســتند يومًا على قواعد أو أسس معينة، بل كانت نتيجة لاعتبارات شــخصية ومعقدة وفق إملاءات الســياقات الاجتماعية والسياسية في فترات مختلفة من تاريخ نيجيريا وتاريخ الإســ م فيها. وهذا في حد ذاته يدل على قدرة الحركات الإسلامية النيجيرية، الصوفية منها وغير الصوفية، على تشكيل ثقافتها السياسية وتكييفها حسب الظروف المتغيرة.

82

Made with FlippingBook Online newsletter