العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

109 |

مقدمة ) Dehumanization تــدرس الأبحاث، ويتــداول الإعلام أيض ًًا، مســاعي حََيْْوََنــة ( س ـ َْتَعْْمََر من طرف مؤسســات المُُس ْْتََعْْمِِر حتى تكون �ُُ ) الم Demonization شـ َْيْطََنََة ( � و لأفــراد مجتمعــه أرضية أخلاقية لإبادة من يســطو على أرضهم ويســلب مواردهم ومقدراتهم. وبنشــوء نظام حقوق الإنســان، في منتصف القرن العشــرين، كان لابد للاســتعمار الاســتيطاني في فلســطين أن يُُعز ِِّز فكرة الحيونة والشيطنة بصورة ذهنية تنســجم مع المســتجدات، فلجأ -في ســياق ما بات يُُعرف بالحرب القانونية- إلى نزع مدنية المدني عن الفلسطيني كي يُُبرِِّر قتله وإبادته. ولئن حظي مصطلحا الحيونة والشــيطنة باهتمام الباحثين في الدراســات الثقافية ودراســات الاتصال، فقلََّما عُُنِِي هؤلاء بتقص ِِّي عمليات نزع صفة المدني عن الأشــخاص المحميين بموجب القانون س ـَْتَض ْْعََف من صفة المدني هو في �ُُ الدولي الإنســاني. ويمكن القول: إن تجريد الم الواقع التطبيق القانوني للمصطلحين الثقافيين: الحيونة والشيطنة. ونزع صفة المدني ) مصطلح استخدمته هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة Decivilianization ( فيما يتصل بسياســات الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل في فلسطين. فإسرائيل ) لتجريدهم 1 ( " تهديدًًا جماعيًًّا يتعذ ََّر اعتقالهم جملة " تُُعامل الفلســطينيين باعتبارهم ) بموجب القانون الدولي الإنساني، ولذلك فهم 2 ( " من وضعهم كأشخاص محميين " -من وجهة نظر إســرائيلية- غير مؤهلين، أو لا يســتحقون الحماية بصفتهم مدنيين. وثمــة فروق بين الحيونة والشــيطنة من جانــب، ونزع صفة المدني من جانب آخر. فالأولان يشيعان في الثقافة، ولهذا خطورته الخاصة، أي إنهما يرتحلان ذهابًًا وإيابًًا في السرديات الشخصية والسرديات العامة، التي سنناقشها في الدراسة. أما مفهوم نزع صفة المدني، فيشيع استخدامه وترويجه في مجتمع المتخصصين، أو فيما يُُســم ََّى السرديات الأفهومية، عبر استخدام أساليب وإستراتيجيات سرد متعددة لإحكام عملية محو السكان الأصليين وإبادتهم. ويُُطلق على هذه الأساليب: سمات السرديات، كما بيََّنتها الأكاديمية، منى بيكر، في كتابها الص ََرْْحِِي: الترجمة والصراع: تبيان ســردي، الذي تحيل إليه هذه الدراســة. إن شــيطنة الفلسطينيين وحيونتهم في دوائر المجتمعات الواسعة تُُشيِِّد شبكة أمان تُُمه ِِّد إلى تيسير عملية نزع صفة المدنيين عنهم أمام الجهات القانونية. ولئن كانت الحيونة والشيطنة تنشطان في دوائر السردية العامة داخل إسرائيل، وخارجها، حتى يستطيع الإسرائيلي بوصفه إنسانًًا التعايش مع

Made with FlippingBook Online newsletter