| 120
علــى ثبات الســرديات في الثقافة، وإِِن لاحظــت بيكر أن هذه الآلية تصبح قيدًًا مع الزمن لثقل وطأتها. ولهذا ترى أن سردياتنا الأنطولوجية تتقيََّد بالعملية بقدر ما تنتشر. وبعبارة أخرى، يصبح التراكم السردي عبر الزمن إصرًًا على السردية بعد أن كان رافعة أدبيات معتمدة ذات " ش ـ ِئ عبر الزمن �ْْ لها. ول كن بيكر ترى أن التراكمات الســردية تُُن )؛ مما يعني أن متلقي تلك السردية يصبح عقله وتصرفاته 48 ( " قدرة تفسيرية وسلوكية مجرد أصداء لهذه السردية. ولا تتجاهل بيكر في نموذجها التحليلي دور الإعلام في )، يُُسهِِم في إشاعة 49 ( " مؤسسة نافذة " التراكم السردي؛ إذ ترى أن الإعلام، بوصفه ). وهي 50 ( " يفرضها على وعينا من خلال العرض المتواتر " الســرديات العامة، بل و )، التغذية التســتيلية Pierre Bourdieu عملية يُُســم ِِّيها عالم الاجتماع، بيير بورديو ( ). وتكمن خطورة 52 )؛ بحســب ما ذكرته بيكر( 51 () Symbolic Dripfeed الرمزية ( التراكم الســردي بأنه ما ينفك يُُعزِِّز الســردية ويُُمك ِِّنها في المجال العام حتى تصبح ا بما عصية على النقض، ولربما صارت فوق الأعراف والقوانين. وتضرب بيكر مثالًا أحرزته سردية الهولوكوست في هذا الباب، وهي سردية بلغت من قوتها أن الاستعمار الاســتيطاني الصهيوني في فلسطين لم يسلب الفلسطينيين أرضهم ومقدراتهم، وإنما اختطف واستنسخ أساليب المستضعفين في الدفاع عن أنفسهم، ليُُعزِِّز سردية الضحية التي ما فتئت تخدم أغراضه منذ الهولوكوست وحتى الآن. ثالثًًا: قلب واستنساخ في معالجتهما لآليات عمل منظمات حقوق الإنســان الإسرائيلية اليمينية، يستعرض سـ َل هذه المنظمات بالقلب والاستنساخ للآليات التي � بيروجيني وغوردون كيف تتو تستخدمها منظمات حقوق الإنسان الليبرالية التي تدافع عن الفلسطينيين، مثل استلهام القانون الدولي الإنســاني وقوانين حقوق الإنسان المختلفة وإصدار التقارير وتوثيق معاناة المســتوطنين في فلسطين. وهكذا تستنســخ هذه المنظمات اليمينية المتطرفة آليات عمل منظمات حقوق الإنســان؛ إذ تُُظهر المستوطن منزوع الحقوق في أرضه الموعــودة في فلســطين. وبذلك تُُراكم تلك المنظمات ســردياتها حتى تصبح هي والقضايا التي تُُنافح عنها محل تضامن نظام حقوق الإنسان أو قل تعمية فكرة الحق الفلســطيني. والاستنســاخ يعني أن هذه المنظمات تتََّبع نفس طرائق منظمات حقوق الإنسان التي تُُنافح عن حقوق الفلسطينيين وتتبنََّاها نهج ًًا في الدفاع عن وجودها في
Made with FlippingBook Online newsletter