125 |
. صناعة السرديات في الإعلام الغربي 3 تُُعد الموضوعية ســردية أفهومية شــائعة، وكما لها شأن في العلوم الاجتماعية فإنها تحظى بمكانة مركزية في أدبيات الاتصال والإعلام. وتتضمن، على سبيل الافتراض، الحياد والشمول والوزن المناسب وتجنب تأثير أصحاب السلطة. ومع ذلك، فإن هذا ليــس هو الحــال مع التغطية الإعلامية الغربية لمحنة المدنيين في غزة. فعند فحص ا إعلاميًًّا يُُعرِِّض تغطية هذه الوســائل، لن يكون عســيرًًا على المتلقي أن يرى خللًا حقوق الفلســطينيين للخطر، ويُُعزِِّز إفلات إســرائيل من العقاب. الخبر الذي نشره فيديو يُُظهر " ، بعنوان 2023 ديســمبر/كانون الأول 8 عربي، في " بي بي ســي " موقع )، يبدو فيه التحيز الســردي جليًًّا في 69 ( " ا فلســطينيين عُُراة محتجزين في غزة رجال ًا العنوان الذي يُُفض ِِّل الاصطلاح الإنجليزي للتدليل على المعتقلين الفلســطينيين، ألا . وهنا، تكون عملية الاقتطاع " معتقليــن " وليس " محتجزين " ) أي Detained وهــو ( الانتقائي بدأت انطلاقًًا من العنوان بهذا الاختيار اللغوي. والعنوان هو بوابة القارئ أو العتبة النصية للولوج إلى محتوى الخبر، ويتم من خلاله تأطير وعي المتلقي إزاء السردية العامة التي يُُراد إيصالها وترسيخها. ومن هنا، فإن تأطير هؤلاء الفلسطينيين -وهي كلمة محايدة تمامًًا أي لا تتهم ولا تُُبََرِِّئ- لا يُُشــير " محتجزيــن " بوصفهــم بوضوح إلى أنهم مدنيون تجب حمايتهم بموجب القانون الدولي الإنســاني. وليس في العنوان، أو في نــص الخبر، وعوض ذلك يتك َّرَر " مدني " هنــاك ذكــر لمصطلح مرة في النص؛ مما يوحي بأن هؤلاء الأشــخاص قد 14 " رجال " اســتخدام مصطلح لا يكونون مدنيين؛ مما يزيد من احتمالية الاشــتباه بهم، أو يفتح الباب بهدوء تجاه من حمولة دلالية " مدنيين " هذا المنحى. ولابد أن من يصوغ الخبر يُُدرك ما لمفردة تصب في صالح المُُتََض ََر ِِّر وفقًًا للقانون الدولي الإنساني. ولهذا، ونظرًًا لغموض هوية هؤلاء المحتجزين، يمكن القفز خطوة أخرى، من وجهة نظر مفهوم النص، والانتقال ) Combatant ) في القانون الدولي إلى فئة المحارب ( Civilian بهم من فئة المدني ( بغض النظر عن كيفية أو مكان أو زمان أو ظروف احتجازهم. صحيح أن استخدام ، ولكن رجال في الغالب، " محاربين " يختلف عن اســتخدام مفــردة " رجال " مفردة أكثر " المحارب " إذا ما أُُخِِذََت بالنظر إلى بقية الصياغة، فإنها قد تميل بالقارئ تجاه . " المدني " من
Made with FlippingBook Online newsletter