العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

169 |

غزة. ويُُســهِِم هذا التبرير في تشــتيت الجمهور وتضليله، ويُُدخله في دهاليز الشك والجدل، ويســلب الخصم فرصة إثبات روايته. كما أن الخطاب الإسرائيلي في ظل الحرب على غزة اســتند إلى البعد الأيديولوجي، واتســم بلغة الاستعلاء والغطرسة والغرور، وهي سمة واضحة في الخطاب الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كامل على القوة الاقتصادية والعسكرية للاحتلال، ويرتكز تمامًًا على الدعم الأميركي والغربي، وتحديدًًا في المجال السياســي والعســكري والاقتصادي. فالولايات المتحدة تمنح الاحتلال الغطاء الكامل لممارسة كل أشكال القتل والإبادة الجماعية في غزة؛ الأمر الذي يردع أي دولة في العالم عن التعرُُّض لإسرائيل بأي شكل من الأشكال، ويُُقد ِِّم لها الحصانة الكاملة من المساءلة أو العقوبة. لقد اســتند الخطاب الإعلامي الإســرائيلي أيض ًًا إلى الرواية الرسمية التي تسعى إلى توحيد بنياته للحفاظ على الجبهة الداخلية، ومنع أية إمكانية لانقسام الرأي العام حول الحرب على غزة. ورغم الخلافات العميقة بين مكونات الجمهور الإســرائيلي، فإن توحيد الخطاب نجح إلى حد كبير في منع انهيار الإجماع الإسرائيلي على الاستمرار في الحرب. وقد وظ ََّف الخطاب الإعلامي الإســرائيلي أساليب الهروب إلى الأمام، مثل السعي للتطبيع مع الســعودية في ظل حالة من الغضب والاحتقان في الشــارع العربي الذي يعيــق مثل هذه الخطوة. كما وظ ََّف أســلوب المبالغــة والتهويل في التحذير من أن حماس كانت ستجتاح تل أبيب في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. واستخدم أيض ًًا الانتقائية من خلال اقتباس عبارات وردت على لسان مواطنين فلسطينيين لإدانة حماس. كما اســتخدم الخطاب أســلوب التنصل من المسؤولية، وألقى باللوم على حركة حماس، واعتبر أن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول يُُبرِِّر للاحتلال شن الحــرب على غزة بغض النظر عن حجم الدمار والقتل الذي نتج عنها. واســتخدم الخطاب كذلك أســلوب الإســقاط من خلال اتهام حماس بمسؤوليتها عن الحرب، ا أن صلب المشكلة هو الاحتلال. متجاهل ًا

Made with FlippingBook Online newsletter