| 190
المجتمعية. يضاف إلى ذلك أن الإشكال لم يعد في فقدان النفوذ الوطني على الرأي العام الرقمي، بل في تنامي الســيطرة عليه من خلال شــركات تجارية عالمية تملك المنصة، وتحدد شــروط المحتوى، بل وتســتطيع وفق خوارزميات أن تتحك ََّم فيما يظهر لمســتخدميها من آراء ومعلومات. وأصبح هذا التحك ُُّم مدار نقاشــات عميقة فــي الغــرب جرََّاء تأثيره في تدفق المعلومات على تشــكيل الآراء والاتجاهات في الانتخابات والقضايا التي يناقشــها المجتمع في غالب الأحوال إلكترونيًًّا. ومما يثير القلق أن معظم الشركات التي تُُقد ِِّم خدماتها إلكترونيًًّا تحفظ وتستثمر وتُُشارك بيانات .) 20 وخصوصيات مستخدميها بطرق ذكية غير ظاهرة( ، يرى نعوم " صناعة الموافقة: الاقتصاد السياســي لوســائل الإعلام " وفــي كتابهما: )، أن وسائل Edward Herman )، وإدوارد هيرمان ( Noam Chomsky تشومســكي ( ا من أن تُُقدِِّم أخبارًًا الإعلام تعمل كنظام للدعاية يخدم مصالح النخبة القوية، وبدلًا موضوعية وغير متحيزة تقوم بعملية فََلْْتََرََة المعلومات من خلال سلسلة من الآليات؛ الأمــر الــذي يقود إلى عرض نطاق ضيق مــن الآراء المقبولة على الجمهور، والتي تُُمثِِّل مصالح موجهي الرأي العام، في حين يتم تهميش أو تجاهل الآراء المعارضة. ليست نتيجة للرقابة الصريحة أو المؤامرة، بل نتيجة للقوى " صناعة الموافقة " كما أن المسيطرة اقتصاديًًّا والتي تُُشك ِِّل المشهد الإعلامي. ومن خلال تحليل دراسات الحالة والأحداث التاريخية المحددة، يوضح تشومسكي وهيرمان كيف تعمل هذه الوسائل باســتمرار على صياغة القضايا بطرق تدعم هياكل الســلطة السائدة، مما يُُشك ِِّل في نهاية المطاف الرأي العام الموج ََّه للمحافظة على الوضع الراهن أكثر من كونه تعبيرًًا .) 21 صادقًًا لما يُُسمََّى الرأي العام( الترتيب العالمي " ، بعنــوان " معهد أكســفورد للإنترنت " ويكشــف تقرير صادر عن ، ازديــاد التلاعب المنظم "2019 للتلاعــب المنظم بوســائل التواصــل الاجتماعي . ويُُبيِِّن التقرير 2019 بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر من الضعف منذ العام 45 دولة في العالم اســتخدمت الدعاية الرقمية للتلاعب بالرأي العام ضمنها 70 أن دولة ديمقراطية تلاعب فيها السياســيون والأحزاب السياســية بالرأي العام الرقمي .) 22 لحشد الدعم لبرامجها وللمرشحين( ؛ " عصر ما بعد الحقيقة " وفي ظل هذه البيئة الرقمية ولجت البشــرية إلى ما يُُســم ََّى إذ حلََّت الشائعات محل الحقائق، وأصبح للمشاعر والعواطف وزن أكبر من الأدلة
Made with FlippingBook Online newsletter