| 198
فالملاحظــة الجديــرة بالاهتمام في الأنظمة التي لا تتقيد بقواعد الديمقراطية هي أن الرأي العام يتم تشــكيله وفقًًا لمصالح الطبقة الحاكمة والمســتفيدين من سياساتها، ومع مرور الوقت وانعدام الحرية اللازمة تحصل حالة من اللامبالاة أسماها المؤرخ )، بتماهي الفرد مع الجماهير، حتى Gustave Le Bon الفرنســي، غوســتاف لوبون ( وإِِن لم تكن تصوراته متسقة مع الأفكار المتداولة والتي لا تُُعبِِّر بأية حال عن توجهاته ). وفي المقابل، 30 ومصالحه، ويصبح الأفراد سلبيين فيما يخص تعبيرهم عن آرائهم( فإن أفراد المجتمع في الأنظمة الديمقراطية التي توفر قدرًًا كافيًًا من الحرية ليُُعبِِّروا عن آرائهم معرضون للتضليل والدعاية التي تُُستخدم فيها تقنيات مختلفة كالخوارزميات بغرض توجيههم لتبنِِّي بعض الأفكار أو المواقف التي لا تتســق ومصالحهم بســبب الدعاية التي مُُورســت عليهم. ومن ثم ســيلاحظ المراقب أن بعض قياسات الرأي العام في تلك المجتمعات، التي تُُســمََّى بالمجتمعات الحرة، لا تتمتع بالحرية، بل موج ََّهــة لخدمة مصالح دوائــر وجهات عليا متنفذة لا علاقة لها بمصالح الجمهور. لذلك يمكن القول، سواء في الأنظمة الشمولية أو الديمقراطية: إن الرأي العام موجود وقادر على التأثير في جميع المجالات، ولكن بدرجات متفاوتة وفق شروط تتحدد في حينها. . الرأي العام وصناعة السياسة العامة 5 ربــط الباحثــون -من علماء السياســة والإدارة العامة والاجتماع- مفهوم السياســة العامة بالتوجهات العامة التي تتبنََّاها المؤسسات الحكومية إزاء المشكلات والقضايا المجتمعية، وتُُصدر بشــأنها قانونًًا أو قرارًًا يحدد أهدافها وينظم مســاراتها وأنشطتها فــي تلــك المجالات. وتُُعد العلاقة بين الرأي العام والسياســة العامة أحد المحاور الرئيســة للعديد من النقاشات الأكاديمية التي بدأت منتصف القرن العشرين، خاصة فــي الجانب المتعلق بمدى اســتجابة الحكومات لمطالب الشــعوب. وقد اختلفت آراء الباحثين حول علاقة الرأي العام بالسياســة العامة، وتبرز في هذا الســياق ثلاثة :) 31 اتجاهات( وهو الذي يرى أن للرأي العام دورًًا مهم ًًّا في صنع السياســة العامة، الاتجاه الأول: لاســيما في النظــم الديمقراطية؛ إذ لا يمكن إهمال اتجاهاتــه وتوقعاته حول كيفية مواجهة بعض القضايا الأساســية من طرف صانعي السياســة العامة، بل يُُعد الإطار
Made with FlippingBook Online newsletter