العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

19 |

مقدمة إن التداخل العميق بين الفعل السياسي ومختلف الأنشطة الحياتية يقود إلى النظر في تجليات الأبعاد السياسية لقرارات شبكات التواصل الاجتماعي، التي تبدو فضاءات لا متناهية لممارســة التواصل الاجتماعي بين أفــراد المجتمعات، ولكنها قد تََض ِِيق على البعض بســبب الحسابات والمصالح السياســية التي تسعى للتََّح ََك ُُّم في الرأي العام العالمي وتوجيهه لفائدتها. ذلك أن شبكات التواصل الاجتماعي تُُص ْْدِِر وتََسُُن مجموعة من السياســات التي تبدو في ظاهرها محاولات ضرورية للحد من ســوء اســتخدام حرية النشــر، ولكنها تُُض ْْمِِر ما يمكن استخدامه للتحكم في النشر والكيل ، ومعاداة " الفصل العنصري الرقمي " بمكيالين، وقد تصل أحيانًًا إلى مستوى التمييز و . وبما أن التواصل عبر هذه الشــبكات " محظية " فئة مســتضعفة لصالح فئــة أخرى يتجاوز حدود الرقابة التي يمكنها اتخاذ القرار العادل الصادر عن رقيب بشري، فإنها تلجــأ إلى توظيــف خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على كلمات مفتاحية قد تتسبََّب في حجب غير مُُتََبََص ِِّر لمحتوى بعينه مثلما تفعل أدوات الإبادة الجماعية التي تُُدمِِّر أفراد الجماعة المستهدفة كليًًّا أو جزئيًًّا. تطــورت شــبكات التواصل الاجتماعــي تطورًًا كبيرًًا باســتخدام تطبيقــات الذكاء الاصطناعي حتى كادت تتحكم في المحتوى الذي يروج بين المستخدمين من خلال أولويات وترشــيح ما يبرز على صفحاتهــم ويتناغم مع اهتمامات المتلقين، انطلاقًًا . وهنا، تتجلى أهمية " من يســبق يربح " من ســيكولوجية التلقي التي تقوم على مبدأ الخوارزميات التي تســتخدمها شــبكات التواصل الاجتماعي للتحكم في المحتوى الذي سيظهر على الشاشة قبل غيره حتى وإِِن لم يقم المستخدم بطلبه عبر محركات البحث. لقد قدََّمت الحرب التي تشــنُُّها إســرائيل على غزة، بعد هجوم حركة حماس على ، نموذج ًًا 2023 أكتوبر/تشــرين الأول 7 مســتوطنات إســرائيلية بغلاف القطاع، في للتأثير في الرأي صارخًًا لتطبيق السياســات التي تََسُُنُُّها شبكات التواصل الاجتماعي العام العالمي، وتوجيهه من خلال السماح للسرديات الإسرائيلية بالتداول والانتشار الواسع، مقابل حجب واضح وطمس ممنهج للسرديات ومحو المحتوى الفلسطيني

Made with FlippingBook Online newsletter