العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

| 238

بشكل كبير قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة، وتتأثر تبعًًا لذلك قدرتهم على المشــاركة الديمقراطية، وقرارات التصويت جرََّاء التلاعب الفعََّال بآرائهم مما يُُعر ِِّض الديمقراطية لمخاطر كثيرة. إن توظيــف الذكاء الاصطناعــي في قياس اتجاهات الرأي العــام عبر خوارزميات تحليل المشاعر، واستخراج الرأي مما يُُنشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي، جعل الخوارزميات تتفوق على الأساليب التقليدية في استطلاعات الرأي العام؛ لأنها تتيح إجراء تقدير للرأي العام أكثر دقة، وســرعة، وأقل كلفة لتقدير نتائج الانتخابات. إن المراقبة الآلية للرأي العام عبر شــبكات التواصل الاجتماعي تمثِِّل اليوم أداة فاعلة من أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على التنبؤ وقياس اتجاهات الرأي العام، والتنبُُّؤ بنتائج الانتخابات. كما أتاحت البيانات الضخمة عن مســتخدمي شــبكات التواصل الاجتماعي العديد مــن المجالات لاســتخدام خوارزميات الــذكاء الاصطناعي في تحليل المشــاعر لمعرفــة اهتمامات واتجاهات وتفضيلات المســتخدمين، وتوظيف تلك المعلومات في تخصيص الرســائل للاســتهداف السياسي الدقيق، وفي تنويع محتوى الإعلانات لزيــادة كفاءة نشــاط الحــملات الإعلانية الهادفة إلى الوصول لشــرائح محددة من المستخدمين، وإثارة دافعيتها للتفاعل مع الحملة. وبات امتلاك تلك البيانات يُُشك ِِّل مكمن القوة في أيدي الذين يمتلكونها، ويســتفيدون من القدرة على معالجتها. فقد أتاح الذكاء الاصطناعي ظهور جيل جديد من ممارسات التسويق السياسي والإعلان الرقمي التي تعمل على أتمتة الاســتهداف الدقيق بنطاق وحجم غير مســبوقين. كما رفع توظيف الذكاء الاصطناعي في الاستهداف السياسي مستوى مشاركة الناخبين في الانتخابات واهتمامهم بالسياسة. لكن هذا الاستهداف له عدة مخاطر منها: التلاعب بالناخبين وتضليلهم، والافتقار إلى الشــفافية، وانتشــار المعلومات المضللة، وتزايد المنافســة غير العادلة بين الجهات الفاعلة السياسية، والاستقطاب السياسي، وتغلغل التأثير الأجنبي في الشؤون الداخلية، إضافة إلى انتهاكات خصوصية الفرد. أما على المستوى الجمعي والمجتمعي، فيُُشك ِِّل استخدام هذا الاستهداف الممنهج لأغراض سلبية تهديدًًا للتماسك الاجتماعي والسيادة الوطنية والخطاب العام النزيه والمستنير ومبدأ الانتخابات الحرة النزيهة، ويُُقوِِّض أسس الديمقراطية.

Made with FlippingBook Online newsletter