265 |
بالمعنى الكانطي للمفهوم، أي خطابًًا يُُقارب موضوعه بالتصور المجرد، " ميتافيزيقي ًًّا " س ـ َْتَمد مــن مظاهر الأزمــة التي تتخبط فيها العديد من المؤسســات الإعلامية �ُُ ولا ي فــي المنطقة العربية، ولا من الســياق الذي ذُُكِِر آنفًًا. فمــا القصد من التأكيد أن ما تُُنتجه العُُد ََّة التقنية من أخبار أكثر موضوعية ومصداقية مما يُُنتجه البشــر، في الوقت الذي تنص فيه كل اللوائح والتعليمات الصادرة عن المؤسســات الصحفية الأجنبية والمنظمــات المهنية على ضرورة عدم نشــر أو بث ما تُُنتجــه الآلة من أخبار دون إشراف بشري، وأن رفض المؤسسات الإعلامية، التي ذُُكرت سابقًًا، استخدام الذكاء الاصطناعي، يعود لعدم ثقتها في دقة الأخبار التي يُُنتجها، ولضعف مصداقيتها؟ وما معنى القول: إن أتمتة العمل الصحفي تُُريح صحافيي المؤسســات الإعلامية التابعة للقطــاع، الذين يعيشــون بطالة مقنعــة من الأعمال الروتينيــة والمكررة؟ وما معنى القــول: إنهــم يتفرغون إلى الإنتاج الإعلامي المعمق، والأكثر دســامة وإبداعًًا، بعد أتمتــة مراحــل الإنتاج الصحفي وتقديمه، في قاعة التحريــر التي من النادر جد ًًّا أن قـ ًا صحفيًًّا عن قضية من القضايا التي تشــغل بال الجمهور، بل تكتفي، � تنجــز تحقي في الغالب، بإعادة صياغة برقيات وكالات الأنباء الوطنية والأجنبية، ونقل ما ينشره المسؤولون الرسميون في مواقع الشبكات الاجتماعية دون تقديم معلومات إضافية له أو تحليله لاســتجلاء دلالته؟ وماذا تنتظر المؤسسة الإعلامية العربية التي لم تتمكن من تنظيم أرشــيفها الداخلي وعجزت عن إنشــاء بنك للمعلومات وفق حاجاتها من برامج الذكاء الاصطناعي التي تبحث، وتربط، لاستخراج البيانات مما هو متوافر في شبكة الإنترنت ومراكز البحث والمعلومات؟ إن الخطاب العربي عن الذكاء الاصطناعي يُُنشِِئ سياقه الخاص المستمد من بحوث سـ ِر وجود هامش كبير للمؤتلف أكثر من المختلف مع � الإعلام الأجنبية. وهذا ما يُُف الخطــاب الأجنبــي عن الذكاء الاصطناعي. والمؤتلف هنا هو ما يفصح عنه الاتجاه المهيمــن في الخطاب الأجنبي الذي يتســتر علــى الأيديولوجيا التجارية والإعلانية الامتثالية. يتضمــن الخطــاب الأجنبي عن الذكاء الاصطناعــي ومكانته في صناعة الإعلام في العصر الراهن بعدًًا نقديًًّا، لكنه قليل التأثير على العقل الأداتي المســيطر، الذي يُُبرِِّر استخدام الذكاء الاصطناعي في قاعات التحرير ويُُرافع لصالحه. وهذا لا يدعو إلى
Made with FlippingBook Online newsletter