| 444
ويــرى أن مــا يحدث اليوم مع الإنترنت يُُشــبه بشــكل من الأشــكال ما حدث مع بورجوازية القرن العشرين في مواجهة ظهور الصحافة ومِِن بعدها الإذاعة والتليفزيون؛ ذلك أن عملية فتح الفضاء العام لمتحدثين جدد لا تتم دائمًًا بسلاســة، بل غالبًًا ما تُُثِِيــر قلقًًا في صفوف من كانــوا يحتكرون من قبل هذا الفضاء، خاصة النخب التي كانت تعد وجودها في هذا الفضاء علامة تميزها. لكن الكتاب، وهو يدعو إلى عدم الاســتسلام للذعر، يُُبدي وعيًًا بالإشكالات التي يطرحها الفضاء العام الرقمي الذي ، التي " الديمقراطية الرقمية " تُُســيطر عليــه الخوارزميات إلى حد كبير؛ ما يعنــي أن قــد يطمح إليها البعض مدفوعًًا بإمكانات حريــة الرأي والتعبير التي يُُوفرها الفضاء . ذلك أن الفضاء الرقمي يعيش حالة من التفك ُُّك " مجــرد وهم " الرقمــي، قد تصبح ا بفضاء يُُمثِِّل والعنف والتحرش الإلكتروني؛ مما يطرح السؤال: هل يتعلق الأمر فعلًا الرأي العام؟ " يســتنتج مؤلِِّفو الكتاب أن الإنترنت أســهمت في بناء فضاء عام أكثر انفتاحًًا وأقل تنظيمًًا، وأقل هرمية وأقل تقييدًًا، لكنه في الآن ذاته مفتوح على جميع أنواع الفوضى. ويبقى في المجمل أن هذا الفضاء أعاد تشكيل العلاقات الاتصالية بشكل مختلف. وخلاصة القول: إن هذه القراءة اتسمت بعمق كبير وبإضافة نوعية، ويمكن اعتبارها الإضافة الأهم في الكتاب لأصالتها ومقاربتها لقضايا لم تُُناقش من قبل. . ملاحظات نقدية 4 علــى الرغــم من أهمية الكتاب العلمية/المعرفيــة والمنهجية، فهو لا يخلو مثل أي عمل بشري من قصور يشمل مستويات مختلفة. وإذا كان بعض القصور يرتبط ربما باختيارات المؤلِِّفين الثلاثة، فإن بعضه الآخر له علاقة بما يمكن وصفه بغياب الجرأة الأكاديمية المتوقعة من كتََّاب مرموقين. ا عن التفكيك أ- "منطقة الأمان الأكاديمي": السرد بديلًا بقي الكتاب حبيس طابعه الســردي التجميعي للمعطيات والمعلومات، ورغم أهمية التحليل الذي ورد في الجزء الثالث الذي يتناول الرأي العام في العصر الرقمي، فإنه لم يُُقد ِِّم ما يمكن أن ننتظره من ثلاثة مؤلِِّفين بارزين في تخصصاتهم، أي قراءة نقدية
Made with FlippingBook Online newsletter