العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

445 |

تربط المفاهيم المدروسة بالواقع، وتصل إلى خلاصات لا يصعب على باحثين من حجم الك ُّتُاب الثلاثة التوصل إليها، خاصة وأن ما يُُنتظر من باحثين في مستواهم هو إنتاج المعنى ومســاءلة المسلََّمات وتفكيك المعلومات المسبقة وربما هدمها ضمن La ) بالتفكير المركب ( Edgar Morin نســق متعدد الأبعاد يُُســم ِِّيه إدغار مــوران ( ) الذي يُُعد من متطلبات العمل الفكري للمثقف. 33 () pensée complexe وفي هذا السياق، نستحضر مقالة عالم الاجتماع الفرنسي، بيير بورديو، التي كتبها عام . اتخذ بورديو موقعه الطبيعي مثقفًًا يُُفك ِِّك " الرأي العام غير موجود " بعنــوان: 1973 ويُُحلل ويُُقدِِّم رأيه المبني على المعطيات المُُعََزََّزََة بسياقاتها وحججها. لذلك شك ََّل ما كتبه لحظة فاصلة في قراءة موضوع الرأي العام كان لها ما بعدها. ماذا قال بورديو أو بالأحرى ماذا فعل؟ شك ََّك في الافتراضات الأساسية التي تكتنف ضمنيًّّا استطلاعات الرأي، التي ترى أن كل شخص يمكن أن يكون له رأي، أو بمعنى آخر أن تكوين الرأي متاح للجميع، وأن كل الآراء لها نفس القيمة، وأن هناك توافقًًا جماعيًًّا بشأن الأسئلة التي تستحق الطرح. هذه الافتراضات الثلاثة، كما يبدو لي، تتضمن " وقــد كان واضح ًًــا في بداية مقالته: سلســلة من التشــوهات التي تظهر حتى عندما تُُس ْْتََوْْفََى جميع شروط الدقة المنهجية ). وعلى نفس النهج النقدي الصارم يخلص إلى أن 34 ( " في جمع البيانات وتحليلها الرأي العام لا وجود له، على الأقل ليس بالشــكل الذي يُُنســب إليه من قِِبََل الذين " شـ َك ِِّلََة ومجموعات �ََ آراء مُُت " . ويرى في المقابل أن هناك " يســعون إلى إثبات وجوده فـ َة حول نظام من المصالح المحددة بوضــوح. ومن جهة أخرى، توجد �ََ ضغــط مُُلْْت بالمعنى الذي قصدته طوال هذا التحليل، أي إنها ليســت " آراء " توجهات وليســت .) 35 ( " شيئًًا يمكن التعبير عنه في خطاب متماسك لنلاحظ هنا كيف أن بورديو لم يتردد في إعلان موقف يكاد يكون غير مسبوق بلغة واضحــة لا مواربــة فيها ولا تردد. وهــذا بالضبط هو ما افتقدناه في كتاب فرينولت ونوفو وكوهين. هل جاء الأمر عفوًًا صفوًًا، أم هو قرار مدروس يروم تََسْْيِِيج البحث بأطــره العلميــة النظرية دون مغامرة الخوض فيما هو أعمق من ذلك عبر قراءات قد تكون مزعجة لأكثر من بنية اجتماعية أو ثقافية أو حتى سياســية؟ ليس ثمة جواب حاسم بشأن الدافع وراء هذا التردد، لكن ما هو واضح أن المؤلِِّفين الثلاثة اختاروا

Made with FlippingBook Online newsletter