العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

| 446

، وعدم المغامرة بفتح الموضوع على آفاق أكبر " منطقة الأمان الأكاديمي " البقاء في تربطه بشــكل مباشر بســياقه المجتمعي والسياسي والثقافي. كان الموضوع يتحم ََّل، بل ويفرض الانفتاح على هذا السياق من أجل دراسة أعمق للرأي العام في علاقته في مختبرات " رأيًًا مصنوعًًا " بأدوات تشكيله والتأثير فيه بما يجعله في أحيان كثيرة الدعاية ودراســات علم النفس الاجتماعي مســنودة بأدوات التأثير من إعلام وسينما وغيرها مهما بدا أنه تلقائي ناتج عن تفاعلات طبيعية داخل المجتمع. والواقع أن الكتاب حاول ملامســة هذا الســياق من خلال حديثه عن علاقة الرأي العــام بالحكم، وكيف أن الحكام كانوا منذ بداية التأريخ للرأي العام حريصين على معرفة الرأي العام ومحاولة التأثير فيه. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك في الحديث عن " ســلعة " المجتمعات الليبرالية والديمقراطية التي يتحوََّل فيها الرأي العام أحيانًًا إلى يتــم التلاعــب بها، ليس فقط مــن خلال وســائل الإعلام وأدوات الترفيه وصناعة الرمــوز، بل أيض ًًا يصل الأمــر إلى اختلاق أحداث وافتعال أزمات قد يكون بعضها دمويًًّا مكلفًًا لحياة كثيرين، والأمثلة كثيرة في التاريخ الحديث والقديم. من المعلوم أن الحركة الصهيونية -وبغية التأثير في الرأي العام اليهودي العالمي وتشجيع اليهود ا إرهابية ضد اليهود في - افتعلت أعمالًا 1948 على الهجرة إلى فلســطين قبل وبعد عدد من الدول وضمنها دول عربية بهدف خلق مناخ عام من الخوف يُُقنِِع المترددين مــن اليهود بالهجرة حفاظًًا على حياتهم. هنا، تصبح صناعة الخوف أداة من أدوات صناعــة الرأي العام، وهذه القصة ليســت منفردة فــي التاريخ الحديث، بل تكررت بشــكل مســتمر وثابت ما يجعل منها نمطًًا ليس حكًرًا على الأنظمة المستبدة فقط، ولكن يتم اللجوء إليه في الدول الديمقراطية. وقد يكون مناسبًًا أيض ًًا التذكير بالحرب الأميركية على العراق وما رافقها من سلسلة اتهامات لتبرير غزو العراق -تبيََّن فيما بعد زيفها مثل أسلحة الدمار الشامل- بهدف خلق رأي عام أميركي ومن ثم عالمي يتقبََّل هذه الحرب، والأمثلة كثيرة. بناء " صحيح أن الأطروحة الرئيسية للكتاب انتهت إلى أن الرأي العام هو عبارة عن ا من كونه حقيقة قائمة بذاتها. فهو لا يوجد في أي مكان في حالته ) بدلًا 36 ( " اجتماعي مواد كانت موجودة " ، أو " أشــياء مكتشــفة " والمكتفية ذاتيًًّا، أي ليس مجرد " النقية " ، بل إن شــكله يتغير وفقًًا " دائمًًا ســيلتقطها بنظرة ثاقبة مؤرخون وعلماء سياســيون

Made with FlippingBook Online newsletter