45 |
يوضــح هــذا النموذج كيف أن أدوات الإبادة الرقمية تُُحيط بالمحتوى الرقمي بكافة وسائطه التواصلية (النصية والصورية والصوتية والحركية واللونية) إحاطة تامة (طبقة فوق طبقة) حتى كأنها تُُدْْخ ِِلُُه في ثقب أسود. ولا تكتفي هذه الأدوات بالتكامل فيما بينهــا، بــل تتناغم لدرجة إذابة الحدود فيما بينها؛ الأمــر الذي يُُبيِّّن مدى خطورتها وتأثيرها في فعالية المحتوى الرقمي. وتتجلى إبادة المحتوى الرقمي في طبقة خارجية تضم أربعة مكونات: (أ) المرجعية المفاهيمية والمصطلحية، (ب) المرجعية السياسية، (ج) السرديات المضادة لسرديات المحتوى الذي يتعرض للإبادة، (د) الأرضية القانونية والتشــريعية التي يتم الاستناد إليها. أما الطبقة الداخلية التي تُُطْْبِِق على المحتوى الرقمي، فتشتمل على خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتتبُُّع المحتوى الرقمي المستهدف، والتي تضطلع بالدور الأكبر، بالإضافة إلى الرقابة البشرية المباشرة التي تصطاد ما تبقى من المحتوى الذي قد يفلت من قبضة الخوارزميات. وفيما يلي توضيح لمكونات نموذج الإبادة الرقمية: . المرجعية المفاهيمية والمصطلحية 1 سـَخ تجاه المحتوى � ُتُشــير المرجعية المفاهيميــة والمصطلحية إلى الفهم الذي يتر المنســوب لجهة ما، مثل المحتوى الفلســطيني أو المحتوى الذي يتعاطف ويدعم الرواية الفلسطينية، انطلاقًًا من توجهات وصور ذهنية سالبة؛ إذ يقود هذا الفهم إلى اســتخدام مصطلحات تُُجيز لمرتكب الإبادة الرقمية إفناء المحتوى المعني وتدميره كليًًّا أو جزئيًًّا. فعلى ســبيل المثال، تعمل هذه الشــبكات على خلق سيولة مفاهيمية تجعــل المحتــوى الــذي يتعرض للإبادة الرقميــة يُُصنََّف أو ينــدرج ضمن مفهوم الإرهاب، أو العداء للســامية، أو العنف اللفظي، أو تهديد الأمن والســلم الدوليين، ا عن التطبيق الجلي لازدواجية المعايير؛ إذ تصبح مقاومة الاحتلال والدفاع عن فضل ًا النفس اعتداء، والاعتداء والإبادة دفاعًًا عن النفس. وهكذا تعمل الآلة الإعلامية على الترويج والترسيخ حتى يتحو ََّل الأمر إلى صور ذهنية يتم تعزيزها بالخوارزميات. . المرجعية السياسية 2 ويقصــد النموذج بالمرجعية السياســية تأثيرات الدول والجماعات السياســية، مثل جماعات الضغط والمصالح والقوى المهيمنة، على شــبكة التواصل الاجتماعي من حيث الملكية أو من حيث الخضوع لسيادة الدولة (والغالب هنا أن تكون الولايات
Made with FlippingBook Online newsletter