49 |
- تسير المستحدثات في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي في طريق يجعل المستخدمين أقــرب للآلات من حيــث افتقارهم للحس النقدي وإعمال الضمير والتفكير المغاير (خارج الصندوق)؛ إذ يمضي الذكاء الاصطناعي في اتجاه قراءة الأفكار، بل إراحة المســتخدم من تعب التفكير، وتقديم الاستشارة، والتعريض القسري للمنبهات التي تقــذف بها الإعلانات. وكل ذلك، يخلق تحديًًا لمفتقري النفوذ الطالبين لحقهم في التعبيــر عبر فضاءات التواصل الاجتماعي التي ادََّعت تطبيقها لشــعارات المســاواة والعدالة التواصلية. - ما حدث ويحدث للمحتوى الرقمي الفلسطيني عبر شبكات التواصل الاجتماعي يجعله مســتهدفًًا بالإبادة الرقمية، التي وإِِن أبقت على بعض يسير من هذا المحتوى فهو دون عتبة الفعالية التي تسمح له بتشكيل الرأي العام العالمي. وفي ذلك خسارة للمســتخدمين التي تجعلهم يتعاطون " الذاكرة الســمكية " يصعب تعويضها في ظل ويتفاعلون مع الآني المتاح، وقد أدمنوا على تلقى المئات وربما الآلاف من الرسائل ا للتأمل والحفظ في الذاكرة متوســطة وطويلة التواصلية القصيرة التي لا تترك مجالًا المــدى، أو ربط الآني بالماضي الذي تشــك ََّلت عبــره القضايا الكبرى، مثل القضية الفلسطينية. - يُُضاف مفهوم الإبادة الرقمية إلى مفهوم الإبادة الإعلامية؛ حيث تستهدف إسرائيل )، ليُُشك ِِّلا معًًا أساسًًا للإبادة الجماعية 49 الإعلاميين الفلســطينيين استهدافًًا وجوديًًّا( التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة. - إن وضــع نمــوذج عملــي للإبادة الرقمية -اســتنادًًا إلى دراســة حالة المحتوى الرقمي الفلســطيني في ســياق الحرب على غزة- يُُسهِِم في تحديد مكوناتها وآليات اشــتغالها، ويُُفيد في قراءة واقع شــبكات التواصل الاجتماعي ومســتقبلها، ومآلات التواصــل الإنســاني عبر فضاءاتها. كما يفيد هذا النمــوذج في معرفة القوى الكامنة فــي خوارزميات الــذكاء الاصطناعي وما يمكن أن تفعله في المســتقبل، وهي أداة بالغة الخطورة في أيادي الجهات المهيمنة التي تأبى إلا أن تزداد هيمنتها فتفوق كل ما عرفه تاريخ البشرية من أشكال هيمنة خشنة وناعمة.
Made with FlippingBook Online newsletter