العدد 5 – يناير/كانون الثاني 2025

7 |

افتتاحية العدد نموذج تفسيري لمرجعيات الإبادة الرقمية

أنتجت الحرب على قطاع غزة متغيرات سياسية واجتماعية وثقافية وإعلامية جديدة في الواقع الفلســطيني والدولي، تشــك ََّلت سماتها في ســياق الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشــعب الفلســطيني منذ أكثــر من عام وقد امتــدت آثارها وتداعياتها لتشــمل جميع القطاعات والمجالات. وكان التجلي الأبرز لهذه المتغيرات إعلاميًًّا س ـَد في طمس الرواية الفلســطينية ومنظورها لسيرورة الحرب، وحجب � وثقافيًًّا يتج جريمة الجرائم في معظم الصحف والشبكات التليفزيونية الدولية، واستخدام جميع الوسائل التكنولوجية والإمكانات البشرية لمحاصرة تدفق هذه الرواية نحو الرأي العام الدولي، وفرض الرقابة عليها في المجال العام الرقمي، لاسيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وقد انتقلت سياسة هذه الشبكات، في تعاملها مع المحتوى الفلسطيني، ، لمنع تداوله ومشاركته " الفصل العنصري الرقمي " ، أو " التمييز الرقمي " مما يُُوصف بـ بين المستخدمين، إلى ما تُُسم ِِّيه بعض البحوث والتقارير النوعية، التي ترصد مظاهر . ويكتسب المصطلح " الإبادة الرقمية " انتهاك الحقوق الرقمية الفلســطينية، بسياسات الجديد (الإبادة الرقمية) دلالته المفهومية ومرجعيته الاتصالية من واقع السياســات والإجراءات التي تعتمدها شبكات التواصل الاجتماعي لطمس المحتوى الفلسطيني ومحاربته كليًًّا أو جزئيًًّا عبر وســائل تكنولوجية تشمل الخوارزميات المُُعََزََّزََة بوكلاء البرمجيات، ثم القدرات البشــرية التي تُُراقب وتتصيََّد المحتوى الذي قد لا تتمكن الرقابة الآلية من حجبه أو إبادته. وتبدو أهمية هذا المفهوم في قدرته التفسيرية لأبعاد الظاهرة التي تقوم فيها شبكات التواصــل الاجتماعي بالعمل مع مؤسســات وجهات مختلفة علــى إبادة المحتوى الفلســطيني ومحو آثاره الرقمية. وفي هذا الســياق، يُُقــد ِِّم الأكاديمي محمد أحمد إبراهيم نموذج ًًا إرشــاديًًّا لمرجعيات الإبادة الرقمية وآليات اشتغالها، ويُُحد ِِّد الأبعاد والعناصر النسقية التي تُُفس ِِّر الفعل الإبادي الرقمي، من خلال دراسة حالة المحتوى الفلسطيني عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ويُُبيِِّن هذا النموذج المعياري كيف أن أدوات الإبــادة الرقميــة تُُحيط بالمحتوى الرقمي بكافة وســائطه التواصلية (النصية

Made with FlippingBook Online newsletter