2020 عام الأزمات

وربطت – السلام مقابل السلام، وليس السلام مقابل دولة فلسطينية – لعملية السلام " الصفقة " هذا المسار بمصالح عربية بغضّ النظر عن صحتها. وفق هذا المنطق، قدمت لبعض دول الخليج مثل الإمارات والبحرين تحالفًا في مواجهة إيران، وللسودان فرصة للتطبيــع مــع العالم برفعه عن قائمة الإرهاب وربمــا لاحقًا تحقيق مصالح اقتصادية، ووفّرت للمغرب اعترافًا أميركيّا بســيادته على الصحراء الغربية، وهكذا دواليك. هذه الكتلة قد تربطها مصالح في المستقبل ولو كانت متفاوتة، ليصبح لديها موقف جديد من عملية السلام، وأول سماته ما تحقق ألا وهو تحرير العلاقة مع إسرائيل من عملية السلام الجارية مع الفلسطينيين، وهذه الرؤية قد تتطور أبعد من ذلك وبما لا تتفق مع مصالح القوى الفلسطينية السائدة الآن. إن تحولات الرؤية الإســرائيلية لعملية الســ م وللعلاقة مع الفلسطينيين، ثالثًا: التي تغلّب تأبيد الهيمنة على الفلسطينيين وباتت تدعمها مكاسب عدة، مرشحة للتطور بســرعة أكثــر من ذي قبل. ولكــن بالمقابل، ليس هناك بدائل مريحة للإســرائيليين، فلا اســتمرار المواجهة ملائم لهم، ولا خيار الدولة الواحدة للشــعبين، الإســرائيلي والفلسطيني، ملائم؛ ما يضع الإسرائيليين في نهاية الأمر أمام نقاش دائم حول مصير التســوية التي يســعون إليها. وبتصاعد الاختلافات والخلافات في إسرائيل ولو حول ضد " قضايا أخرى، كما هو الشــأن مع المظاهرات المســتمرة والتي عمّت إســرائيل لفشله في التعامل مع كورونا أو لاتهامه بالفساد وما إلى ذلك، فإنها ستنعكس " نتنياهو على قضايا أخرى منها عملية السلام نفسها. بالنسبة إلى الموقف الفلسطيني والتفاعلات الداخلية الفلسطينية، فبمجيء رابعًا: إدارة بايدن، ستســتعيد السلطة أنفاسها، وقد تتجاوز الضغوط التي كان بعضها يهدف إلى إزاحة محمود عباس لرفضه صفقة القرن، وستجعله أقل حاجة لمفاوضة حماس أو تقديــم تنــازلات لها ما قد ينعكس على المصالحة لتصبــح أكثر بطئًا، هذا إذا لم تتوقف. ولكن بعض البنى التحتية للمشهد الفلسطيني قد تغيرت، فإلى ما قبل صفقة القرن، ينقسم الفلسطينيون بالجملة ما بين خياري المقاومة المسلحة والتحرير الكامل وفق ما قامت عليه تاريخيّا حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، هذا من جهة، وخيار التســوية وعملية الســ م وفق ما قامت عليه أوسلو، من جهة أخرى. أما الآن، ورغم إجماع الفلسطينيين على رفض صفقة القرن، فإن خيارًا فلسطينيّا ثالثًا قد ينشأ ولو لم يتطابق معها، إلا أنه ســيكون متماهيًا مع الصفقة ومع المســار العربي الذي نشأ معها

29

Made with FlippingBook Online newsletter