2020 عام الأزمات

الجزائــر لأزمة الصحراء أنها لا ترفــض مبدئيّا ضم المغرب للصحراء ولكن تعترض علــى طريقة الضم؛ لذلك لــم يكن موقف الرباط والجزائر متعارضًا دائمًا. والجزائر، العضو الفاعل في دول عدم الانحياز، والتي كانت جزءًا من الكتلة الاشــتراكية ومن القوى التقدمية العربية، تنظر إلى الصحراء من داخل هذه المناظير؛ لذلك تتجاوز قضية الصحــراء نطاق العلاقــات الجزائرية-المغربية إلى دور الجزائر ومكانتها في الخارج. كما تعتمد الجزائر في رؤيتها على ميثاق الوحدة الإفريقية القاضي بأن الحدود الموروثة عن الاســتعمار تظل على حالها، خصوصًا أن المغرب دولة مؤسّســة لمنظمة الوحدة الإفريقية وبالتالي عليه الالتزام بنصوص ولوائح هذا التنظيم القاري. ومن المعلوم أن المغرب، وفي ســياق الخلاف بينه وبين قيادة الثورة الجزائرية ، بنشر قواته على 1963 على بعض المناطق الواقعة بالغرب الجزائري، قام في منتصف الحدود الجزائرية، وانطلقت المواجهات بين البلدين في شهر سبتمبر/أيلول من نفس الســنة فيما عُرف حينها بحرب الرمال، وقد انتهت تلك المواجهات بوســاطة الوحدة الإفريقيــة. ومع أن حرب الرمال، التي تم تطويقها بســرعة، قــد تركت بين الجانبين شــعورًا بفقدان الثقة؛ حيث ترســخت عند الجزائر سردية مؤداها أن المغرب توسعي، وترسخت عند المغرب سردية مقابلة مفادها أن الجزائر تسعى لتمزيقه. ولعل التنافس بين الجارين المغاربيين جعل الجزائر تســعى لعزل المغرب عن محيطه الإفريقي؛ إذ لو قامت دولة مستقلة في الصحراء الغربية فهذا يعني أن المغرب سيكون قاريّا محاطًا بالجزائر وبهذه الدولة، وليس له من منفذ سوى شاطئه الأطلسي أو ضفته على البحر الأبيض المتوســط، وســيجد نفسه مفصوً عن متنفسه الإفريقي، ولن يجد سوى مضيق جبل طارق للتواصل مع أوروبا. محددات الموقف الموريتاني ينطلــق الموقــف الموريتاني من قضيــة الصحراء من محدّد مهــم وهو الهوية المشتركة الاجتماعية والثقافية واللغوية لما يمكن تسميته: الفضاء البيضاني، أو الفضاء الحســاني الذي يمتد من جنوب المغرب التقليدي أي منطقة كلميم مرورًا بالصحراء الغربية وغرب الجزائر وموريتانيا وشــمال مالي وحتى منعطف نهر النيجر. فهو فضاء واحد تسكنه نفس القبائل، وله نفس التقاليد الشعبية والفولكلور والنسق الاجتماعي، وحتى الطبيعة الجغرافية متشــابهة إلى حدّ بعيد. كان هذا المحدد حاضرًا في أذهان

58

Made with FlippingBook Online newsletter