العدد 15 – أغسطس آب 2022

| 138

أنه منهج كمي يتعامل مع أدوات يصعب معها الوصف الكيفي، فهو يقف عند حدود الوصف مما يجعل الوصول إلى نتائج ســليمة صعبًا، وبذلك تجدر اإلشــارة إلى أن معظم بحوث االتصال في المنطقة تتبع األسلوب النمطي الذي يعتمد على اإلحصاء والرصد والتوصيف في معالجة بعض المشكالت البحثية من غير التعمق في تحليلها وســبر أغوارها، مما جعلها بحوثًا نمطية، تفضي إلى اســتنتاجات أصبحت معروفة ومكــررة، ال يقــدم معظمها أية إضافة للعلم أو إثــراء للمعرفة النظرية اإلعالمية في المحيط العربي، وال يوجد توظيف للبحوث التقييمية، أو التطويرية، أو المســتقبلية، مع غياب للدراسات التأسيسية، فبحوث اإلعالم واالتصال في المنطقة العربية يعاني معظمها من انســداد معرفي يمثله مرحلة الفراغ في تطوير النظريات، فالعالم العربي ،) 30 في هذا المجال كان وال يزال حبيسًــا لتراكمات معرفية مســتمدة من الغرب( وترجع أسباب ذلك إلى: - غياب روح المبادرة والتجديد للخــروج من حالــة الفراغ في تطوير نظريات االتصال الغربيــة ومواءمتها مع البيئة العربيــة البد من المبادرة والتجديد في مجال البحث والدرس اإلعالمي واالتصالي العربي. فنظريات االتصال عبارة عن تراكمات معرفية إنســانية يجب االســتفادة منها والتفاعل معها وتقييمها ونقدها واإلضافة إليها، وكل ذلك من خالل الحراك والجدل العلمي، ويمكن التعامل معها كتراكمات معرفية ظهرت بمبررات موضوعية وواقعية طُبِّقــت وجُرِّبــت على جماهير وبيئات غربية مختلفــة، فالواجب هنا تبني النظريات أو رفضها بعد تطبيقها على البيئة العربية أو اســتحداث نظريات تنســجم والمجتمع العربــي، خاصــة أن إبدال نظرية بنظرية أخرى ال يمكن إال عن طريق حقيقة علمية. والعلم في مســتواه العقلي ال يحمل جنسية أو عقيدة معينة، وفي اإلعالم واالتصال هناك تراكم في المعارف اإلعالمية منذ ظهور الصحافة في القرن السادس عشر في أوروبا مرورًا بتطوير علم اإلعالم واالتصال في عشرينات القرن العشرين بأميركا إلى ســيادة تكنولوجيا االتصال حديثًا. وهذا التراكم المعرفي محل احترام وتقدير ولكن البحث عمَّا يميز علوم اإلعالم واالتصال في المنطقة العربية أمر مشــروع ومطلوب وال يتأتى ذلك إال عن طريق المبادرة والتجديد والبعد عن التقليد من غير معاصرة أو االستحداث من غير انتماء.

Made with FlippingBook Online newsletter