199 |
إن شــعب الديمقراطيــة المســتمرة ينبني ويتحدد من خالل الحقــوق التي يضمنها الدستور لفائدة أشخاص طبيعيين ملموسين. وعلى خالف ما يُتداول، ليس الدستور نصًّا ميتًا بل فع ًل حيًّا وفضاء مفتوحًا إلنشــاء الحقوق. فمن المســاواة في الحق في ، إلى حق التصويت للنساء 1848 ، إلى حق التصويت للرجال عام 1789 التعبير عام ، 2004 ، إلى الحق في البيئة الســليمة عام 1946 ، إلى حق اإلضراب في 1944 عام تطورت صياغة الدستور تبعًا لتطور اإليقاع الديمقراطي للمجتمع. ويرى روسو أن األجوبة التي جرى تقديمها في الماضي إلعطاء الفرد شعورًا باالنتماء المشــترك، باسم اإلله، واألمة، والدولة، والطبقة االجتماعية...لم تعد فعالة لمعالجة األزمة الراهنة. وفي المقابل، يجد أن الدســتور مجموعة حقوق وحريات يمكن أن تكون اآللية المشــتركة لألفراد ليحققوا ذواتهم ســواء في خصوصياتهم الفردية أو ) Jürgen Habermas في القيم المشــتركة التي تؤسس ما يســميه يورغن هابرماس ( . " الوطنية الدستورية " إن حقوق اإلنسان ال تفيد إذن تأسيس فضاءات فردية مغلقة، بل فضاء عام تعبِّر فيه كل الذوات وتتبادل فيه بحرية، وهي حريات رابطة ال حريات فصل، حريات تتكامل لصناعــة اإلرادة العامة. فتعدد طبيعــة الحقوق بين حريات فردية، وحقوق اجتماعية واقتصادية، وبيئية، وحقوق تضامن، تصب في بلورة وضعية سامية للمواطن تتجاوز البعد الوحيد الذي حُصر فيه، في خضم الممارســة السياسوية: الفرد-الناخب. هذه هــي القيمــة المضافة للديمقراطية المســتمرة مقارنة مع النظــام التمثيلي في وضعه .) 3 الراهن( : المواطنون مستقلون عن الهيئة التمثيلية 2 األطروحة في صميم المنطق التحليلي لألطروحة األولى، يرافع الكاتب في أطروحته الثانية ضد صَهْر هيئة المواطنين في هيئة الممثلين الذين يقصد بهم روســو القادة المنبثقين من العمليات االنتخابية (البرلمانيون مثًلً). تبعًــا لفلســفة اشــتغالها وآلياتها، يجري التمييــز تقليديًّا بين الديمقراطيــة التمثيلية والديمقراطية المباشــرة. تســتند األولى على السيادة الوطنية أما الثانية فعلى السيادة الشعبية. في الديمقراطية التمثيلية ال تعود سلطة التعبير عن اإلرادة العامة للمواطنين الطبيعيين بل إلى هيئة سياسية، أي شخص معنوي يتمثَّل في األمة. ذلك ما صرَّح به
Made with FlippingBook Online newsletter