21 |
حلو ًل تركيبية وزيادات. ولهذا يســود هذا النمط الفكري األحادي الطبيعة، والقاطع الحاســم، والملتزم بمعيار ثابت وقيم متجانسة وموحدة، على عكس الفكر التوفيقي الذي ينشأ في العواصم واألمصار ومناطق العمران والمراكز التجارية ونقاط التبادل .) 19 الحضاري والتفاعل الثقافي( فعلى مســتوى الشــكل، يظهر التصلب فيما يعتقده السلفيون من كون اللغة توقيفية، .. يجب االلتزام بما في الكتاب والسُّــنَّة والمأثور عن الســلف الصالح " بمعنى أنه: من األلفاظ والمصطلحات، وأن يُترك كل لفظ مبتدع، أما استعمال مصطلحات غير .) 20 ( " السلف فليس إال فتحًا للمجال أمام المبغضين والضالين ويؤدي ذلك لدى السلفيين إلى: - محاربة أي طريق يُدخل على اللغة العربية ما ليس فيها. - عدم الكالم بغير اللغة العربية أو إدخال كلمات أعجمية فيها. - عدم الحاجة إلى غير اللغة العربية في كل أمور الدين والدنيا. من المفروض، إذن، أن يعبِّر الخطاب الســلفي عن نفســه باللغة نفسها التي عبَّر بها الســلف عن فهمه للقرآن والسُّــنَّة؛ ذلك أن الشــرع لم يقرر التعاليم من موجبات وممنوعات فحسب، بل حدَّد اللغة أيضًا، ولهذا يجب استعمالها كما استعملها الشرع وليس بمعانيها العرفية التي تتطور وتتغير بحســب البيئة االجتماعية، وهو ما يقتضي معرفة لغة الصحابة وتعلمها وهجر ما استجد من تعبيرات حديثة. ويؤدي ما ينتج عن هذه النظرة إلى اللغة من تصلب مفاهيمي ومصطلحي إلى برمجة الفكــر فــي قوالب خطابية صارمة ينتج عنها اســتعمال المخزون المفاهيمي الجامد نفســه الذي يجري توظيفه باســتمرار، بحيث يُجابَه أي استعمال لمفردات معاصرة بتأنيب شديد باعتباره خروجًا على الدين ذاته. وهكذا، فإن التصلب العقائدي للسلفية يُحــدث تغيرًا في العالقة مع الدين؛ إذ يُحــدث تصلبًا في المفاهيم والتعبيرات مما يجعل اللغة السلفية فقيرة معلوماتيًّا، لكنها فعالة في الحفاظ على وحدة المتن والحد مــن التأثيرات االجتماعية على مجمل التنظيم، والتي من الممكن أن يحدثها إدخال ). وال تدل لغة بهذا الشكل على حضور نظرة معينة للعالم 21 مفاهيم وتعبيرات جديدة( فحسب، بل إنها تنظم الفكر بشكل يقلِّل تفاعل الذهن مع ظواهر الواقع المتغيرة. يرافــق هذا التصلب اللغوي قدر من العنف الرمزي يتخلَّل الخطاب، فهناك عدوانية لفظيــة تتمظهر فــي كثير من التعابير القدحية تجاه الظواهر واألشــخاص، لغة تُبقي
Made with FlippingBook Online newsletter