العدد 15 – أغسطس آب 2022

| 78

الحق " إذن، هــو صــراع العصبيات وما يجره من فوضى علــى النظام االجتماعي؛ فـ في االختالف هو الشــرط األول لتأسيس تقاليد الحوار، وقيام المشروع االجتماعي ). ويقصد به التوافق عن اقتناع ووعي 7 ال الوفاق األعمى( " الوفاق العالِم " المبني على أطــراف متعددة، مع ضمان حرية الرأي " ومعرفة باألســباب الداعية إلى الوفاق مع .) 8 ( " والتنظيم والمشاركة ويثير الحديث الكوني عن حرية المعتقد، ســواء أكان دينيًّا أم فكريًّا، مســألة الوعي بحرية اإلنســان أساسًــا لتكريس الحق في اعتناق أي مذهب فكري، أو سياسي، أو الوعي الليبرالي مرتبط " ديني. ويُعيد إلى األذهان مقولة المفكر، عبد الله العروي: إن ) بحيث إن الوعي بالحرية 9 ( " بتفــكُّك النخبة القديمة، والتكيف مع الوضع الحديث غير المشــروطة في المعتقد ناتج عن معرفة مســبقة وعن تجربة تســتوعب فشل أي مقاربــة تهدف إلى فرض شــروط عليها، عدا تلك التــي تحفظ الحق الجماعي في المعتقد، بحيث ال يصطدم حق فرد بحق آخر، في رأي أو فكر أو مذهب. والحداثة االنتماء إلى معتقد -أساسًــا هوياتيًّا ينطلق منه الوعي بالذات باعتباره مطابقًا لآلخر الذي له الحقوق نفســها التي لي، ومن خالل وعيي، واحترامي لحقه أضمن لنفسي هذا الحق- يقدِّم نفسه مُعطى أساسيًّا في النقاش، الذي أثاره التعصب الديني لبعض المهاجرين والالجئين المســلمين في دول أوروبية ضمن الخطابات المتطرفة، التي تنشــأ بين الفينة واألخرى. مع نزوع بعض العــادات واألعراف، التي هاجر بعضهم من بالده بســببها، إلى رفض اآلخر، وعدم تقبُّل اختالفه الفكري، أو العقائدي، أو المذهبي، أو السياسي. بغض النظر عن هذه المعطيات، فإن طرح مسألة حرية المعتقد بهذا الشكل الواسع غير مألوف في تاريخ اإلنسانية الزاخر بالصراع ونبذ اآلخر. ورغم الوعي الفلســفي المبكر بضرورة انتهاء البشــرية من االقتتال بسبب الرغبة في توحيد االعتقاد والرأي، باعتباره ضربًا من المحال، والتسليم بحق اآلخر في اختيار معتقــده باعتباره انعكاسًــا للذات إال أن البشــرية عانت طوي ًلً، قبــل أن تُقِر أخيرًا بضرورة حرية المعتقد كيفما كان نوعه، وتعمل على توفير ضمانات له داخل الحدود وخارجها، ألنه شرط ضروري لتحقق السلم، والتسامح، والتساكن، والتعايش. شرط لتحقيق هذا الوعي المنشود. . جدل المعتقدات والحق في الهوية 1.3

Made with FlippingBook Online newsletter