العدد 15 – أغسطس آب 2022

83 |

بموضوع عقائدهم وأديانهم، وهو أن اختالف األديان ال يعني تكافؤها، بل يوجد دين ، ويعنون به اإلسالم، ثم إن اختالف الفِرق داخل هذا الدين " الدين الحق " واحد هو نفسه ال يعني مساواتها مساواة يبررها االجتهاد على األقل، بل توجد من بينها فرقة ). إن الدين عمومًا خير عنده من المذاهب التي يجتهد 20 ( " الفرقة الناجية " واحدة هي ،) 21 ( " يضعون حدودًا عقلية حتى يمكنهم التعايش عليها " البشــر في ابتكارها حين )، وإِن كان ال يُعيِّن 22 ( " الحق في جميع المسائل يجب أن يكون مع فرقة واحدة " و هذه الفرقة الناجية كما يفعل غيره من أصحاب كتب الفِرق الذين ينصُّون على أنها فرقة السُّــنَّة بمن فيهم ابن حزم الذي ال يقبل المناظرة مع باقي الطوائف؛ ألنها ال .) 23 تتعلق بحُجة أصًلً، وال يحتاج المرء مناظرتهم( لكن محمد عابد الجابري يؤكد أكثر من مرة مبدأ الحرية؛ إذ يقرر اإلسالم حق الحرية باعتبارها مبدأ عامًّا، لذا نستطيع أن نؤكد أن اإلسالم يقر مبدأ الحرية في المجاالت كافة، والمرجع في ذلك القرآن والسُّنَّة. قــارب محمد الجابــري موضوع حرية العقيدة في عالقتها مع المعرفة والممارســة وحاول تفسير ما يؤخذ على اإلسالم في تعامله مع هذا الموضوع الشائك، ووصل إلــى جوهر الموضوع مقدِّمًا تفســيره الخــاص للعالقة بين حريــة المعتقد والدين اإلسالمي من زاوية الوعي أو إعمال العقل في المسائل الشائكة. بدأ الجابري مرافعته في الموضوع، بالحديث عن الوجاهة العقلية أي معقولية الشيء، التي يرى أنها دومًا مسألة نسبية، فليست هناك معقولية واحدة للشيء ال تتغير، بل هناك معقوليات مختلفة، وهذا سبب اختالف المذاهب في الفلسفة والدين والسياسة وتباين النظريات العلمية؛ فكل مذهب، وكل نظرية، إنما يختلفان عن المذاهب األخرى بنوع المعقولية التي يشيِّدانها لتفسير األشياء، مفسِّرًا ذلك بأن فالسفة التنوير، لم يقفوا ضد الدين بل ضد نوع الممارســة الدينية التي كانت تقوم بها الكنيســة، ومستعينًا بمقولة ): إذا أقر رجل بوجود الله والحقيقة، والشر والخير... فأية ضرورة Diderot ديدرو ( .) 24 لالحتفاظ باألفكار التقليدية، أي الكنيسة؟( لكننا سنرتكب خطأ " من وجهة نظر الجابري، فاإلسالم قرَّر حق الحرية مبدأ عامًّا، و منهجيًّا إذا نحن طلبنا من النصوص اإلسالمية، أو أية نصوص أخرى قديمة أن تحدثنا ؛ فقضايا الحريــة وغيرها تختلف من بعض " عــن الحرية باللغــة التي نتحدثها اليوم الوجوه على األقل من عصر إلى آخر، باختالف درجة التطور واختالف المشــاغل

Made with FlippingBook Online newsletter