| 104
). ومع 3 الشبكي، وتعدد القنوات، وتكييف أدوات التأثير بحسب اختلاف السياقات( ازديــاد تعقيد العلاقات الدولية وتراجع احتكار الدولة لموقع الفاعل المركزي، غدا هذا المفهوم مدخلا تحليليًّّا رئيس ًًا لفهم كيف تعيد الدول وخاصة الصغيرة منها تعريف أدوارها ومصالحها في بيئة إستراتيجية مضطربة. وقد فرض هذا الواقع الجديد لشكل النظام الدولي، مراجعة لأدوات السياســة الخارجية التقليدية وآليات إدارة المصالح الوطنية، لتبرز الدبلوماسية الذكية بوصفها مقاربة قادرة على مواكبة هذه المتغيرات، ورفع فاعلية العمل الخارجي للدولة، وتعزيز قدرتها على تحقيق الأمن والاســتقرار بأقل كلفة ممكنة. وبينما كانت الدبلوماســية التقليدية تركز على التمثيل الرسمي والتفاوض الثنائي بين الدول، شــهدت العقود الأخيرة ظهور أنماط جديدة كالدبلوماسية العامة، والثقافية، ا ومرونة. وقد جس ََّدت الدبلوماسية )؛ ما استدعى تطوير نموذج أكثر تكاملًا 4 والرقمية( الذكية هذا التحول من خلال تبني إستراتيجية شاملة تقوم على تكييف أدوات التأثير وفقًًا للســياقات السياســية والفرص المتاحة، واســتثمار الإمكانات المختلفة للدولة لتحقيق أهدافها الخارجية. وتعد الدبلوماســية الذكية مقاربة مرنة واستباقية في إدارة العلاقات الدولية؛ حيث تقوم على المواءمة بين السياق والدقة الإستراتيجية، وتقترب )، بهدف تحقيق نتائج ملموسة 5 في بنيتها من نموذج الشــبكات متعددة المستويات( وقابلة للقياس. ا مؤسسيًّّا عميقًًا في طبيعة الفاعلين الدبلوماسيين؛ كما تعكس الدبلوماسية الذكية تحولًا حيث لم تََعُُد مقتصرة على الأجهزة الرسمية للدولة، بل امتدت لتشمل طيفًًا واسعًًا من الفاعلين غير الحكوميين، مثل منظمات المجتمع المدني، والمؤسســات الأكاديمية، ، الذي " الشــبكة الدبلوماســية " والقطاع الخاص، وقد أدى ذلك إلى نشــوء نموذج تتكامل فيه الأدوات الرسمية وغير الرسمية، بما يمنح الدولة مرونة وعمقًًا في أدائها ). وقد مك ََّن هذا التوسع الدول الصغيرة خصوص ًًا، من الانخراط الفاعل 6 الخارجي( في قضايا تنموية وإنسانية وبيئية عزز مكانتها الدولية. وتكتســب الدبلوماســية الذكية أهمية خاصة في سياق الدول الصغيرة، لما تتيحه من فرصة لتحويل مواطن الضعف إلى أدوات نفوذ. فمن خلال استثمار الموارد الرمزية، كالسمعة الجيدة، والثقافة، والقيم، والوساطة، يمكن لهذه الدول تعزيز حضورها في
Made with FlippingBook Online newsletter