105 |
الساحتين، الإقليمية والدولية، والمساهمة في صياغة الأجندات العالمية، وتُُعد بذلك إطــارًًا إســتراتيجيًّّا وتكتيكيًّّا لإعادة تعريف النفوذ الدولــي بعيدًًا عن أدوات الهيمنة الصلبة، ضمن مقاربة تقوم على الابتكار، وحسن التوقيت، وبناء التحالفات المرنة. وفي هذا الســياق، تتعدد التوجهات في الأدبيات المعاصرة بشــأن موقع الدبلوماسية الذكية وأدواتها ضمن منظومة مفاهيم التأثير في العلاقات الدولية، خاصة فيما يتصل بعلاقتها بالقوة الناعمة والقوة الذكية؛ إذ يذهب اتجاه أول إلى أن الدبلوماسية الذكية تنحصر في توظيف أدوات وأشكال الدبلوماسية، الرسمية وغير الرسمية، لكن بطرق ). في المقابل، يرى اتجاه آخر أن الدبلوماســية الذكية تُُفهم 7 أكثــر مرونــة وابتكارًًا( ا ، بوصفها جزءًًا من القوة الذكية التي تقوم على مزيج متوازن ضمن إطار أكثر شمولًا مــن أدوات القــوة الصلبة، كالعقوبات الاقتصادية والقوة العســكرية، وأدوات القوة ). وبالتالي، تهدف إلى تحقيق النفوذ والتأثير 8 الناعمة، مثل التعليم والثقافة والإعلام( من خلال هذا المزج الإســتراتيجي، بينما تركز الدبلوماســية الذكية على الاستخدام الذكي والفعََّال في إطار سلمي، يُُسهم في تحقيق أهداف السياسة الخارجية بكفاءة. وبهذا المعنى، تُُعد الدبلوماسية الذكية امتدادًًا تطبيقيًّّا لأدوات الدبلوماسية، في حين تُُدرِِج القوة الذكية هذه الدبلوماسية ضمن مجموعة أوسع من أدوات التأثير، دون أن تجعلها محورها الأساس. وتُُبرز هذه التباينات أن فهم الدبلوماسية الذكية لا يمكن فصله عن التحولات الأوسع التي تشــهدها العلاقات الدولية، حيث لم تعد أدوات التأثير مقتصرة على الوســائل ا. ومن التقليدية أو على الدول وحدها، بل باتت تتطلب مقاربات أكثر مرونة وتكاملًا ثم، فإن رســم حدود واضحة بين الدبلوماســية الذكية والقوة الذكية أو الناعمة ليس ا مفاهيميًّّا يعكس واقعًًا دوليًًّا يتســم بالتعقيد وتعدد بالأمــر الهيِّّن، بل يعكس تداخلًا الفاعلين وتنوع أدوات التأثير. وفي ظل هذا التداخل المفاهيمي وتعدد الســياقات، لا تُُقاس الدبلوماســية الذكية بنوع الأداة المســتخدمة، بل بقدرة الدولة على توظيف أدوات متنوعة ضمن إســتراتيجية تكيفية تحقق أهداف السياســة الخارجية بكفاءة، خاصة في البيئات المعقدة، كما هي الحال في السياق الإقليمي لدولة قطر. لذا، لم تََعُُد الدبلوماســية الذكية مجرد وســيلة لتحقيق مكاسب سياسية خارجية، بل أصبحــت جــزءًًا لا يتجزأ من منظومة الأمن الوطني، وامتدادًًا وظيفيًّّا لها، بما يُُمك ِِّن
Made with FlippingBook Online newsletter