107 |
. مفهوم الأمن الوطني 2 يُُعد الأمن الوطني من المفاهيم المحورية في حقل العلوم السياســية، نظرًًا لارتباطه الوثيــق ببقاء الدولة واســتدامتها، وهو مفهوم متغير فــي بنيته؛ يتطور تبعًًا لتحولات البيئــة الدوليــة وطبيعة التهديدات. ففي ســياقه الكلاســيكي، كان يُُنظر إلى الأمن الوطنــي بوصفه قدرة الدولة على حماية ســيادتها ووحــدة أراضيها من التهديدات )، خصوص ًًا الغزو العسكري والتدخل الأجنبي. 13 الخارجية( ، فإن مضمونه المفاهيمي ظل موضع " الأمن الوطني " ورغم شيوع استخدام مصطلح جدل في الأدبيات السياســية، بســبب تداخله مع مفاهيم قريبة، مثل الأمن القومي، ). ويرى باحثــون أن مقاربة الأمن يجب أن 14 والأمن الإنســاني، والأمن الشــامل( تتجاوز البُُعد العســكري، لتشمل قطاعات متعددة كـــالاقتصاد، والمجتمع، والبيئة، معتبريــن أن التهديدات لم تعد تســتهدف الدولــة ككيان مادي فقط، بل تمس أيض ًًا ). وبهذا المعنى، يتحول الأمن 15 الهويات، والأنماط المعيشــية، والبنى الاجتماعية( ، تتفاعل فيها الدولة مع مواطنيها " بنية حماية مركبة " إلى " أداة دفاعية " الوطني من كونه داخليًّّا، ومع محيطها خارجيًّّا. وكان للمقاربات النقدية في حقل الدراســات الأمنية إســهام بارز في تطوير مفهوم الأمــن الوطني، وخصوص ًًا عند علماء مدرســة كوبنهاغــن، الذين ركزوا على فكرة )، ويقصــدون بها أن القضايا لا تُُعد أمنية بطبيعتها وإنما Securitization ( " الأمننــة " بعد تحولها وصياغتها وتقديمها خطابيًًّا على أنها تهديد وجودي يُُبرََّر اتخاذ إجراءات اســتثنائية لمواجهتها. وبهذا، فالأمن -وفق رموز هذه المدرسة- هو حالة موضوعية عملية تحول " خطابي، يتشــكل عبر الخطاب السياسي، يُُفهم بوصفه – وبناء اجتماعي )، وهذا التحول يكتســب أهمية خاصة 16 ، وليس حالة موضوعية ثابتة( " إلى تهديد في سياق الدول الصغيرة؛ حيث يغدو الأمن الوطني مسألة إدراكية واستباقية قبل أن يكون استجابة تقنية للتهديدات. وقد شــهد مفهوم الأمن الوطني توســعًًا ملحوظًًا منذ نهاية الحــرب الباردة، نتيجة تصاعد التهديدات غير التقليدية، مثل الإرهاب العابر للحدود، والهجمات السيبرانية، ). هذا التغير أدى إلى تجاوز المقاربة العسكرية الضيقة، ليصبح 17 والأزمات البيئية( الأمــن الوطني متعدد الأبعاد، ويشــمل بذلك الجوانــب الاقتصادية، والاجتماعية،
Made with FlippingBook Online newsletter