| 108
والتقنية، والبيئية. ووفق هذا التحول، أصبح الأمن يُُفهم بوصفه حالة دفاعية وباعتباره منظومة قيمية تســعى الدولة إلى صيانتها، وتشــمل: البقاء، والســيادة، والاستقلال، ). لذا، ينســجم هذا التوسع مع 18 والاســتقرار الاقتصادي، والتماســك المجتمعي( الطرح البنائي الذي يُُعالج الأمن كاســتجابة لتهديد مادي وكنتاج لتصورات تتشــكل لــدى الدولة ونخبها ومجتمعها حــول المخاطر في الآن معًًا. وبذلك، يصبح الأمن الوطني بناء اجتماعيًّّا متغيرًًا، يتأثر بسياقات الإدراك والتأويل. وعليه، يُُعاد تعريف الأمن الوطني بوصفه عملية مركبة، متعددة المستويات، تستدعي مواءمــة بيــن أدوات الحماية الصلبة ومتطلبات التنميــة الداخلية. كما تفرض طبيعة التهديدات المعاصرة بناء سياســات أمنية شــاملة، تراعي التداخل بين المســتويات المحلية، والإقليمية، والدولية في إنتاج الخطر، وتحديد أنماط الاستجابة. وقد فرضت التهديدات العابرة للحدود في القرن الحادي والعشــرين واقعًًا أمنيًّّا جديدًًا، لم يعد ملائمًًا للنموذج التقليدي القائم على رد الفعل، ونتيجة لذلك، تبنََّى العديد من الدول مقاربات اســتباقية لإدارة المخاطر، تســتند إلى التقييم المستمر للتهديدات، وتحديد ). ووفق 19 الأولويات الإستراتيجية، وتعزيز القدرة المؤسسية على التكيف والصمود( هذا المنظور، يُُعاد النظر في مفهوم الأمن الوطني كنظام مؤسســي متكامل، يتطلب شراكة متعددة المستويات بين مؤسسات الدولة والفاعلين غير الحكوميين، ضمن ما .) 20 ( " الحوكمة الأمنية التشاركية " يُُعرف بــ لذا، يرتبط الأمن الوطني ارتباطًًا مباشــرًًا بتركيبة النظام السياسي، ومدى قدرته على تحقيق التوازن بين الشــرعية والاســتقرار الداخلي، والاســتجابة الفعََّالة للتحديات الخارجية. فالدول التي تفتقر إلى الحكم الرشــيد وتعاني من هشاشــة مؤسســاتها تكــون أكثر عرضة للاضطرابات والاختراقــات الخارجية، ومن ثم، لا يُُقاس الأمن فقط بالقوة العسكرية، بل من خلال مؤشرات أدق، مثل كفاءة المؤسسات، والتماسك المجتمعي، والثقة العامة، وسيادة القانون. ويتضح من ذلك أن الأمن الوطني لم يََعُُد ا وإنما إطارًًا حاكمًًا يتقاطع مع السياسات العامة، ويستدعي فقط هدفًًا قطاعيًّّا معزولًا رؤية إســتراتيجية بعيدة المدى، خاصة في الــدول الصغيرة التي تعتمد على أدوات بديلة كالتحالفات والدبلوماسية الذكية لضمان الاستقرار.
Made with FlippingBook Online newsletter