109 |
. ربط المفهومين وفقًًا لنظرية الواقعية الجديدة 3 في ضوء ما سبق، تتيح نظرية الواقعية الجديدة، كما صاغها كينيث والتز، إطارًًا تحليليًّّا .) 21 صلبًًا لفهم ســلوك الدول في بيئة دولية تتســم بالفوضى وغياب سلطة مركزية( وضمــن هذا الســياق، يصبح الأمن الوطني أولوية بنيويــة تُُفرض على الدول بفعل طبيعــة النظــام الدولي؛ ما يدفعها -وخاصة الدول الصغيرة والمتوســطة- إلى تبنِِّي مبدأ الاعتماد على الذات كآلية للبقاء، ويترتب على ذلك انتهاج سياســات عقلانية تهــدف إلى تقليص المخاطر وتعظيم القدرات الذاتية، لمواجهة التهديدات التقليدية وغير التقليدية على السواء. وبنــاء عليه، يُُعــاد النظر في مقاربة الأمن الوطني ضمــن المنظور الواقعي الجديد، كمفهــوم مركََّب يتجاوز البعد الدفاعي، ليشــمل تعزيز الاســتقرار الداخلي، وتقوية ). وفــي هذا الإطار، 22 البنية المؤسســية، وتقليل مكامن الهشاشــة الإســتراتيجية( تبرز الدبلوماســية الذكية أداة وظيفية تســاعد الدولة على التكيُُّف مع القيود البنيوية المفروضــة من الخارج، عبر توظيف أدوات غيــر تقليدية دون مغادرة منطق القوة. وبهذا، لا تمثِِّل الدبلوماســية الذكية خرقًًا للطرح الواقعي، بل تكييفًًا ذكيًّّا له، يُُراعي تحولات البيئة الدولية ويستجيب لمتطلبات البقاء ضمنها. وبذلك، تمك ِِّن الدبلوماســية الذكية، ولاســيما في الدول الصغيرة، من بناء شــرعية دوليــة واحتواء التهديدات المتعددة دون الانخراط في مواجهات مباشــرة، ويتوافق )، التي ترى أن البنية الدولية 23 هذا مع أحد المبادئ الجوهرية في الواقعية الجديدة( تُُشك ِِّل سلوك الدولة وتدفعها إلى التفاعل المرن والفعََّال لضمان البقاء. ومن خلال دبلوماســية متعددة المســارات، تستطيع الدول الصغيرة تعزيز نفوذها النسبي وتحييد س ـ ِد ذلك تكيفًًا داخل البنية الدولية، � المخاطر دون تحد مباشــر للقوى الكبرى، ويُُج يوظ ِِّف أدوات بديلة لتحقيق مكاســب إســتراتيجية. ومع أن الواقعية الجديدة تركز )، إلا أن توظيفها لتحليل 24 على تفســير الســلوك من خلال توزيع القدرات المادية( أدوات غير تقليدية، كالدبلوماسية الذكية، يتطلب إعادة النظر في حدودها التقليدية. ووفق هذا التصور، تصبح الدبلوماســية الذكية وســيلة لإعادة تعريف مصادر القوة والمناورة في ســياق غير متكافئ، وهذه الإســتراتيجية لا تمثل خروج ًًا عن الواقعية،
Made with FlippingBook Online newsletter