العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

113 |

الإطار، تتحول أدوات مثل الإعلام والرياضة والدبلوماســية الإنســانية إلى مكونات مركزية في هندســة النفوذ السياســي وبناء التحالفات. وتُُظهر التجربة القطرية كيف يمكــن تحويــل رأس المال الرمزي إلى مورد جيوسياســي فاعل، يُُســتخدم لتحييد الضغوط، وتعزيز الاعتماد المتبادل، والمشاركة في قضايا عالمية من دون الانخراط في صراعات مباشــرة؛ مما يجعل القوة الناعمة جزءًًا عضويًّّا في بنية الدبلوماســية الذكية. س ـ َد هذا التوظيــف إدراكًًا براغماتيًّّا لطبيعة النظام الدولــي كما تصفها الواقعية � ويُُج تستند " شبكات ردع غير مباشرة " )؛ حيث تسعى الدول الصغيرة إلى بناء 33 الجديدة( إلى القبول الدولي، وتعدد الشراكات، وتنويع الاعتماد المتبادل. وبالفعل، تبنََّت قطر )، التي ترتكز على تنويع التحالفات وتجنُُّب الانخراط 34 سياسة التحوط الإستراتيجي( في محاور صلبة أو استقطابات إقليمية حادة. ا، تطورت العلاقة إلى شــراكة شــاملة امتدت إلى مجالات متعددة، فمع تركيا مثلًا كالأمــن والدفاع والاســتثمار والتعليم والطاقــة، وتُُوِِّجت باتفاقــات وُُقِِّعت خلال ). أما مع الاتحاد 35 اجتماعات اللجنة الإســتراتيجية العليا التي تُُعقد بشكل سنوي( الأوروبي، فقد رس ََّخت قطر موقعها شريكًًا موثوقًًا في أمن الطاقة بعد أزمة أوكرانيا، ا نوعيًّّا في )؛ ما يعكس تحولًا 36 وعززت علاقاتها مع قوى أوروبية كألمانيا وفرنسا( دورها ضمن منظومة الأمن الجماعي الإقليمي. في المقابل، شك ََّلت روسيا محورًًا إضافيًّّا في إستراتيجية التحوط القطرية؛ حيث برزت ا في الأزمة الروسية-الأوكرانية، لاسيما في الملفات الإنسانية الدوحة وســيطًًا مقبولًا ). وإلى جانب شــراكة فاعلة ضمن منتدى الدول 37 مثل إعادة الأطفال الأوكرانيين( المصد ِِّرة للغاز، يُُعد الصندوق الاســتثماري المشترك بين الدوحة وموسكو نموذجًًا )؛ مما يُُسهم في تحصين الأمن الاقتصادي لقطر 38 لبناء مصالح متعد ِِّدة المستويات( ويعزز قدرتها التفاوضية داخل المجتمع الدولي. ويعكس هذا النهج القطري وعيًًا إستراتيجيًّّا بطبيعة التحول في مفهومي القوة والنفوذ، ا من الانخراط في مواجهات مباشرة أو الارتهان لمحاور إقليمية كبرى، اختارت فبدل ًا الدوحة اســتثمار أدوات مرنة تُُمك ِِّنها من بناء شــبكة مصالح متوازنة وقابلة للتكيف، وبهذا المعنى، أصبحت القوة الناعمة والدبلوماســية الذكية مكو ِِّنًًا أساســيًّّا في البنية

Made with FlippingBook Online newsletter