العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

| 114

الأمنية للدولة، يتيح تحقيق أهداف إســتراتيجية بتكلفة منخفضة وفاعلية مرتفعة، بما ينسجم مع فرضيات الواقعية الجديدة حول البقاء والتكيف في بيئة دولية فوضوية. ورغم نجاح قطر في توظيف هذه الأدوات لتعزيز أمنها الوطني، يظل الســؤال قائمًًا حول اســتدامة هذا النموذج في ظل التحولات المســتمرة فــي بنية النظام الدولي، وتصاعد الضغوط الجيوسياســية. فبينما تُُعد السياســات المرنــة والتموضع الذكي خيارات فعََّالة للدول الصغيرة، إلا أن فاعليتها مشروطة بقدرة الدولة على المحافظة علــى توازن دقيق بيــن تحالفات متعددة، وتحييد الصراعات دون التورط فيها. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تحصين مؤسسي مواز على المستوى الداخلي، يضمن ترســيخ الدبلوماســية الذكية خيارًًا إستراتيجيًًّا مستدامًًا، لا كاستجابة ظرفية، ويتطلب ذلك مأسسة أدوات التأثير، وتعزيز الابتكار، وضمان قدرة الدولة على التكيف البنيوي مع تحولات البيئة الإقليمية والدولية. المحور الثالث: الأثر الإستراتيجي للدبلوماسية الذكية على الأمن القطري تُُبرز التجربة القطرية اعتمادًًا ممنهج ًًا لإســتراتيجية دبلوماسية متعددة الأبعاد، مك ََّنت الدولة من بناء شبكة واسعة من التحالفات والعلاقات الإستراتيجية، وتوظيف حزمة متكاملة من الأدوات الناعمة والذكية لخدمة مصالحها الحيوية. وقد تحقق ذلك عبر القدرة على استباق الأزمات، والتحرك في فضاءات سياسية مرنة، والموازنة بين القوى الإقليميــة والدوليــة، بما يعكس نهج ًًا متقدمًًا في إدارة التفاعلات الخارجية. وينطلق هذا المحور لتحليل الأبعاد الثلاثة للأمن الوطني القطري، السياســي، والاقتصادي، والاجتماعي، من خلال استكشاف الدور الذي أدََّته الدبلوماسية الذكية في تعزيز هذه الأبعاد ضمن رؤية إستراتيجية متكاملة. . الأبعاد المختلفة للأمن الوطني 1 يتجاوز مفهوم الأمن الوطني في الســياق المعاصر التصورات التقليدية التي تقصره على الجوانب العسكرية الصلبة، ليتحوََّل إلى إطار شامل يُُعنى بالحفاظ على السيادة والاســتقرار، في مواجهة طيف متنوع من التهديدات المختلفة، ســواء من الداخل أو الخارج، ويســتلزم هذا التصور توظيف إســتراتيجيات مرنة تتكامل فيها أدوات

Made with FlippingBook Online newsletter