127 |
مقدمة يعانــي الاقتصــاد العراقــي منذ عقود من أزمــة هيكلية عميقة، تعــود جذورها إلى الاعتماد الكلي على النفط، وتراكم الإرث الاشتراكي، وانتشار الفساد والمحسوبية. هذه الأزمة تفاقمت بفعل الصدمات الخارجية مثل الحروب والعقوبات الاقتصادية، وتراجع أســعار النفط. ورغم مرور سنوات على سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وتبنــي سياســات إصلاحية متتالية، إلا أن الاقتصــاد العراقي ما زال يعاني من أزمة عميقة، يتمثل أبرز ملامحها في استمرار الاعتماد الكلي على النفط، وتفشي الفساد والمحاصصة السياسية والعجز المالي، وتراكم الديون، وعدم وجود إستراتيجية وطنية ا عن لتطوير قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية كمصادر دخل بديلة عن النفط، فضلًا تراجع دور القطاع الخاص في الاستثمار والتنمية. ، دخل العراق بأزمة اقتصادية حقيقية، بســبب تضافر إرهاب داعش 2014 ومنذ عام وتراجع أسعار النفط عالميًًّا، وقد تكررت الأزمة الاقتصادية في الربع الأول من عام ؛ حيــث هددت بانهيار النظام الاقتصــادي للبلاد، واضطرت بموجبها حكومة 2020 رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، إلى الاقتراض أكثر من مرة، لسد النفقات التشغيلية بما فيها رواتب الموظفين. فــي ظل تدهور الأوضاع المالية للعراق، تم تشــكيل تحالــف دولي في لندن، عام ، بهــدف دعــم الحكومة العراقية في تنفيذ برنامــج إصلاح اقتصادي طموح، 2020 يشــمل تعويم العملة وإصلاح النظام الضريبي والجمركي، وذلك للحد من الفســاد وتحقيــق الاســتقرار المالي. وأصــدر التحالف حزمة توصيات بينهــا تعويم العملة العراقيــة، وإجراء إصلاحات جذرية في النظام الضريبي والجمركي، وبما يضيِِّق من قنوات الفســاد المستشري في مؤسسات الدولة. وتم تشجيع الحكومة العراقية على إحياء أجندتها للإصلاح الاقتصادي، باســتخدام عائدات النفط المتزايدة، للاستثمار في مســتقبل العراق علــى المدى الطويل، وعلى وجه التحديد في مجال تحســين البنية التحتية وتوفير المياه والكهرباء والتنمية البشــرية، والتحول إلى مصادر الطاقة البديلة. إلا أن الواضح أن تبني نظام المحاصصة الطائفية والعرقية لتقاســم السلطة، واستشــراء الفســاد المالي والإداري، وإســناد المناصب السيادية على أساس الولاء
Made with FlippingBook Online newsletter