161 |
مقدمة تعد دراســة الأحزاب السياســية وتعقب مســاراتها بما تتسم به من تحولات عنصرًًا مهمًًّا في حقل العلوم السياسية، كما أنها تستأثر باهتمام بالغ لدى النخب السياسية، وذلك لما تتيحه من إمكانية فهم العملية السياســية الجارية في البلاد، وما تشــهده من تحولات تؤثر بشــكل أو بآخر على طبيعة نظم الحكم. في هذا الإطار شــك ََّلت الأحزاب السياسية المغربية أحد الفاعلين الرئيسيين داخل النسق السياسي المغربي؛ إذ لعبت دورًًا بشــكل أو بآخر في تشــكل ملامحه؛ مما جعلها محط اهتمام العديد من الباحثين ســواء الأجانب أو المغاربة، لاستجلاء مكانتها وأدوارها داخل المشهد السياسي. من هذا المنطلق تنبعث أهمية دراسة أحزاب اليسار باعتبارها التيار الذي ظل المعبِِّر الأبرز، إلى جانب الأحزاب الوطنية، عن أطروحات الحداثة كنظرة للعالم وكمشروع )؛ وكمكوِِّن أساسي، إلى جانب باقي المكونات الأخرى، للمشهد الحزبي 1 سياسي( بالمغرب؛ حيث ارتبطت فترات نشــاطها بتمثيلها للمعارضة داخل النســق السياسي. ويعد الاتحاد الاشــتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، أبرز من مثََّل اليسار المعارض في فترة معينة، لينتقل وصف المعارضة بعد ذلك لأحزاب يسارية جديدة خرجت من رحم هذين الحزبين، كما هي الحال -على سبيل المثال- بالنسبة للحزب الاشتراكي الموحد، وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، ثم حزب النهج الديمقراطي العمالي. إن المتتبع لمسار اليسار بالمغرب يلاحظ أن مرحلتين بارزتين تميزانه، الأولى: مرحلة مشهود له فيها بالقوة والصمود في مواجهة المؤسسة الملكية باعتبارها محور السلطة والتي أعقبت حصول " الاختيار الدستوري " )، ويمكن تســميتها بمرحلة 2 السياســية( الذي ميز الشق الثاني من المرحلة " الاختيار الثوري " المغرب على استقلاله، وبعده الأولى بعدما فشل الرهان على الدستور قاعدة لتأسيس نظام سياسي يقوم على أساس " الاختيار التوافقي " الديمقراطية الحقيقية، ثم المرحلة الثانية المعروفة باســم مرحلة .) 3 الذي انطلق -تقريبًًا- منذ منتصف السبعينات إلى ما بعد حكومة التناوب التوافقي( ا واضح ًًا سواء وقد عرفت التيارات اليسارية بمختلف مكوناتها خلالها تراجعًًا وأفولًا الأحــزاب التقليديــة التي لم يعــد ممكنًًا وصفها بالمعارضة فــي ظل انخراطها في
Made with FlippingBook Online newsletter