163 |
انطلاقًًا من ســؤال محوري: ما أبرز مظاهر تراجع اليســار المعارض داخل النســق السياسي المغربي؟ وما أهم أسبابه؟ انســجامًًا مع هذه الإشــكالية يحاول البحث اختبار فرضية مفادها أن مظاهر التراجع الميداني لليسار في المغرب ما هي إلا امتداد لضعف أطروحته النظرية وعدم القدرة على تجديدها، مسايرة للتحولات العالمية من جهة، ومسايرة لقدرة النظام السياسي المغربي على التجدد من جهة ثانية. المقاربة " سعيًًا للإجابة عن هذه الإشكالية، يستند البحث من الناحية المنهجية على باعتبارها تقوم علــى جمع المعطيات والنصوص وتحليلها وتأويلها بهدف " الكيفيــة اكتشــاف أنماط ذات دلالات تصف ظاهرة معينة، وهي ليســت مجرد تقنية لجمع ). لذلك يمكن الاســتناد 6 المعلومــات وإنمــا طريقة في مقاربة الفضاء الاجتماعي( إليها لأنها تسعفنا في دراسة تحولات هذه الأحزاب من خلال تحديد مواقفها وأبرز المحطات التي جعلتها تخفت وتصبح ضعيفة الحضور منعدمة التأثير على مســتوى المشهد السياسي. انســجامًًا وما ســبق، يمكن مناقشــة ما آل إليه اليسار من خلال مستويين: الأول هو تراجع اليسار على مستوى حضوره وقيادته الشعبية (المحور الأول)، والثاني هو تغير الخيارات والتوجهات بما جعل من مشــاركته في الحياة السياسية مشاركة شكلية لا تأثير لها (المحور الثاني). ا : اليسار المغربي من الانفتاح إلى الانغلاق أول ًا يمكن اعتبار الفترة التي كان اليســار يوصف إبََّانها بكونه قوة سياســية ذات امتداد واســع على مســتويات متعددة وقيادات قوية ترفع خطابات جريئة هي نفسها الفترة التــي تخللها العديد من المحطات التي كانت ســببًًا في تراجعه وانكماشــه. ولعل أهــم محطــة، والتي تُُجمع أغلب القراءات على أنها تعكس بداية أفول نجم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية -واليسار المعارض آنذاك بشكل عام-، هي المشاركة في )؛ إذ منذ ذلك المنعطف واليسار يشهد انحدارًًا ذا أبعاد 7 ( 1998 حكومة التناوب لسنة مختلفة، أبرز تمظهر له هو خفوت حضوره بالمشهد السياسي والتأثير في تفاعلاته؛ حيث يظهر ذلك على المســتوى النقابي والجمعيات والمنظمات الموازية كما يظهر أيض ًًا على مستوى الجماهير والقيادة الشعبية.
Made with FlippingBook Online newsletter