| 170
الســلطة المركزية، والتخلي في المقابل عن وظيفة الحزب الأساســية بوصفه جهازًًا للوســاطة بين الدولة والشــارع ومدمج ًًا للمطالب الشعبية في النظام السياسي، مثلما )، وهي الوظيفة 43 يبــرز حضوره في درجة تعبئتــه المواطنين والدفاع عن قضاياهم( التي لم يعد اليسار التقليدي يقوم بها منذ مشاركته في حكومة التناوب، على العكس مــن مكونات اليســار الأخرى التي، وإن كانت هــي أيض ًًا تعاني من ضعف تنظيمي وتشــرذم يقلص من حضورها على مســتوى الســاحة السياسية، فإن خطابها لا يزال ينســجم مع مبادئ اليســار، لاسيما في الدفاع عن الجماهير والوقوف بصفهم، وهو .) 44 ما جعلها تتبنى مطالب حراك الريف وتدعمه كباقي حركات المناطق الأخرى( إن الغاية من وراء تســليط الضوء على مواقف اليســار بخصوص أبرز الاحتجاجات التــي عرفهــا المغرب بعد تجربــة التناوب، هي إبراز التحــولات التي حدثت لهذا التيار السياســي المعارض -ســابقًًا- ومعرفة كيفية تحوله من الانخراط في الدينامية الاحتجاجية في جل المناســبات منافح ًًا عن المطالب الشــعبية إلى الانكفاء واتخاذ وخفوته " أفوله " مواقــف رســمية، والتي ربما كانت من المســبِِّبات التي أدََّت إلــى داخل القواعد الشعبية. وهذا التراجع تعود أصوله بشكل أساس -كما تمت الإشارة ســابقًًا- إلى مرحلة التناوب التوافقي وإحباطاتها التي أثََّرت على الرأســمال الحزبي الجماعي للمعارضة، حيث لم تعد قادرة على الاستفادة كما في الماضي من ذخيرة ،) 45 ( 2007 النضال الوطني أو المناداة بمبادئ الديمقراطية، وهو ما أكدته انتخابات من خلال سيادة الإسلاميين للمشهد السياسي، 2011 وتأكد أيض ًًا بوضوح بعد ســنة وحيازتهم المرتبة الأولى طيلة عشر السنوات الموالية، وهو ما عُُد ملئًًا للفراغ الذي خلََّفه تراجع اليسار داخل المشهد السياسي. ثانيًًا: من المجا هبة إلى الاندماج من المعروف أن دور اليســار المعارض بدأ يتقلص داخل الساحة السياسية المغربية وتعيين 2002 منذ محطة التناوب التوافقي، كما سبق القول، وتعزز ذلك بعد انتخابات إدريس جطو وزيرًًا أول. هذه المحطات الفاصلة في مسار اليسار المعارض كشفت عن تحولات مهمة ليس فقط في المواقع وإنما كذلك في الخيارات والخطاب التي طرأت على اليســار وكان عنوانها هو الاندماج في النســق الذي كانت تعارضه في
Made with FlippingBook Online newsletter