173 |
الشــعبي بموقفها هذا، التنظيم الوحيد الــذي أصر على تأكيد اختلافه وذلك برفضه ). لكن 58 المشــاركة في سيرورات مؤسســاتية تقترن بمحاولات الإدماج السياسي( عمومًًا اتضح جليًًّا التوجه المهيمن لمجمل اليسار في التعامل مع الدستور الذي كان يطالب اليسار بضرورة إعداده عن طريق الجمعية التأسيسية وليس بالشكل الممنوح 1996 الذي قُُدِِّم به، والذي يمكن طرح هذا الســؤال بخصوصه: هل كان دســتور ا لمعظم مطالب اليسار المعارض آنذاك بالقدر الذي يجعل جل مكوناته يستجيب فعلًا توافق عليه، أم كان ما قدمه اليسار مجرد تنازلات لمسايرة المؤسسة الملكية ومساهمة منه في مد جسور الوصل بين الطرفين تيسيرًًا لمحطة التناوب التوافقي؟ طُُبعت الممارســة السياسية لأحزاب اليســار المعارض في تلك الفترة بنهج مسايرة النظام والقبول بشــروطه، حتى بدا الصراع بين الطرفين ليِِّنًًا بل إنه اندثر مع الوقت. ولعل ما قاله عبد الهادي بوطالب، وهو الذي كان مستشارًًا للملك الراحل، الحسن أصبح " الثاني، بخصوص عبد الرحمن اليوســفي بعد دخوله تجربة التناوب من أنه )، يلخص كم 59 ( " خادمًًا للأعتاب الشريفة، ويحلف بها، ومخزنيًًّا أكثر من السابقين للنظام في " شرس ًًا " هي درجة الانعطاف والتحول التي قام بها اليسار الذي كان معارض ًًا السابق؛ مما يحيل إلى تبدل المواقف تجاه المؤسسة الملكية التي كانت، وإلى وقت ليس بالبعيد، لا ترى كل مكونات اليسار دمقرطة للبلاد من دون تحويلها إلى ملكية برلمانية يتمتع فيها الملك بصلاحيات ســيادية فقط. لقد أصبح جزء من هذا اليســار نفســه (اليســار التقليدي) لا يرى مشكلة في النظام، وتراجع عن مواقفه بخصوصه، فمنذ أن وافق حزب التقدم والاشــتراكية على ما س ُُم ِِّي بالمسلسل الديمقراطي الذي انطلق في منتصف السبعينات اختار خيار التوافق والاعتراف بالشكل الملكي للنظام .) 60 ومرجعيته الدينية مع الاستمرار بالمطالبة بالاشتراكية العلمية مرجعًًا أيديولوجيًًّا( )، في حين يمثل 61 وحتى هذه فإنه ســيُُبدي تراجعه عنهــا خلال مؤتمراته الموالية( ، بداية مرحلة 1984 المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سنة جديــدة في علاقة الحــزب بالنظام الملكي، من خلال تراجعه عن المطالبة بالملكية مجمل " )؛ حيث جاء ضمن تقريــر المؤتمر ما يؤكد ذلك بالقول: إن 62 البرلمانيــة( القول في هذا المجال أننا ننادي بإقرار ســلطة حكومية كاملة المســؤولية تتمتع بثقة واســعة معبََّر عنها بكل حرية، وتخضع للمراقبة والمتابعة بشــكل ديمقراطي. وليس معنى هذا أننا ننادي بنظام البرلمانية الصوري الذي أكل عليه الدهر وشرب والذي لا
Made with FlippingBook Online newsletter