العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

| 18

لقد كانت قطر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن )- مجال شد وجذب 1949 - 1851 العشــرين -وهي الفترة الخاضعة للدراســة هنا ( بيــن أكثــر من طرف، ولم يكن من الســهل على قادتها الحفــاظ على بقاء دولتهم الوليدة، الصغيرة الحجم، الشــحيحة الموارد، القليلة الســكان، بين أمواج متلاطمة من الصراعات الإقليمية والدولية. لكن الآباء المؤسسين للدولة نجحوا في ذلك عبر إستراتيجيات التوازن في علاقتهم بالعثمانيين والبريطانيين، وهي خمس إستراتيجيات:

ƒ منح ولاء جزئي متحفظ لكلتا الإمبراطوريتين دون التزام مطلق. ƒ المحافظة على استقلال القرار القطري عنهما في كل الظروف. ƒ استغلال التناقض بينهما لدرء الهيمنة الكاملة لأي منهما على قطر. ƒ تفادي المخاطر التي قد تلحق بقطر جرَّاء سياسات أي منهما. ƒ الاحتفاظ بالمرونة التكتيكية في التعامل معهما في كل الأحوال.

ولعل أهم هذه الإستراتيجيات -وأبقاها في التاريخ القطري الحديث- هو المحافظة على اســتقلال القرار. فهو أمر يضرب بجــذوره في التاريخ القطري منذ ميلاد هذه الدولة منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم، وهو أمر لا تزال قطر متشبثة به، رغم ما دفعته من أثمان في سبيل المحافظة عليه. إن دراســة المرحلة التكوينية من تاريخ قطر تكشــف عن أن إســتراتيجيات التوازن التــي تتبناهــا دولة قطر اليوم لها جذور عميقة فــي تاريخها وأنها امتداد طبيعي لما تبنََّاه آباؤها المؤسســون من إســتراتيجيات سياسية ودبلوماسية، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. وقد أدرك بعض الباحثين ا - يلاحظ أن سياسات قطر الغربيين هذه الاستمرارية التاريخية، فهذا أولريكسن -مثلًا شـ ِر مبك ِِّر على الطريقة التي تستطيع بها الدول الصغيرة � مؤ " في عهد الشــيخ جاسم تبنِِّي إستراتيجيات بقاءٍٍ، من خلال التوازن بين الأمن الداخلي والخارجي، لدرء بعض .) 16 ( " الاتجاهات الإقليمية الخطرة

Made with FlippingBook Online newsletter